الثلاثاء، 7 يناير 2020

قصة قصيرة بعنوان {{ديك الجيران}} بقلم القاص العراقي القدير الاستاذ {{رعد الإمارة}}

عابر سبيل /يكتب ويتنهد 
1 (ديك الجيران) ابتلع صوته عندما وجدني احدق فيه بغضب، كان هذا ديك الجيران ذو اللون الأسود والعرف الأحمر، لوى رقبته ثم اشاح ببصره، لكنه لم يتحرك عن السور الفاصل بين دارنا ودار الجيران! حولت نظري، رحت أبحث في الأرض عن بعض الحصى، سحقا! كان المكان يلمع، آه، أخيرا هاهي ذي واحدة، انحنيت بسرعة،ياللبراعة! كان الديك قد اختفى وكأنه واحد من الأشباح! هززت كتفي ،استدرت منصرفا وقد قررت معاودة النوم. لم تمض سوى لحظات حتى شعرت بصوت الديك يكاد يخترق طبلة أذني، لم يكن صوتا عاديا ،وكأن أصوات الديكة كلها  قد تجمعت فيه! حاولت إخفاء وجهي بالوسادة، لكن عبثا، إذ أطار هذا الحقير ماتبقى من جحافل النعاس، التي فرت مذعورة عن اجفاني! نهضت يسبقني غضب هائل، حدقت من خلال زجاج النافذة، آه، الملعون يتبختر على السور، متباهيا بريشه الأحمر وصوته المدوي، فتحت الباب بسرعة والتقت نظراتنا، صمت اللعين، لكنه أخذ يترقب حركتي المقبلة! لم يكن ثمة جدوى من البحث عن الحصى، فالأرض تلمع كالعادة، فجأة خطرت في بالي فكرة، استدرت مسرعا، كان ثمة بقايا من طعام الغداء، لنرى! سأجرب حظي.  بعثرت بقايا الأرز ومرقة السبانخ، حتى أنني نثرت بعضا من أعواد الكرفس، تحاشيت النظر للديك، كنت أعلم أنه يراقبني! استدرت منصرفا لكني رميته بنظرة جانبية، السافل إنه لم يتحرك من موقعه حتى! خبأت نفسي خلف الباب، كان غضبي قد تجاوز حده، رحت اقرض شفاهي بأسناني، أما اصابعي فكانت متأهبة حتى أكثر مني! كنت أستطيع من مكاني رؤية بعضا من ريشه، شعرت أخيرا بأنه قد قفز، كتمت أنفاسي، رحت احدق من ثقب الباب، الأحمق ظن بأني قد تركت له وليمة! إنه يدور حول بقايا الطعام ويحدق بكبرياء لحبات الأرز! أخذ  قلبي يدق بعنف، مددت رأسي بحذر، كان ريشه الأحمر يلمع تحت أشعة الشمس، قفزت بأسرع من لمح البصر، اختض الديك في مكانه،وارتبكت حركة ساقيه، تناثر بعضا من ريشه وهو يحاول الخلاص من قبضتي التي اشتدت عليه، كان بوسعي الشعور بحرارة جسده، حاول الإفلات، لكن صوته الذي ازعجني عشرات المرات اختنق فجأة في عنقه المنتفخ! جريت نحو الباب المفتوح، اغلقته خلفي،رحت احدق في الديك الذي أصبح الآن بلا حول ولاقوة! كنت كمن عثر على كنز أخيرا! رحت أجري داخل الغرف وفي المطبخ دون هدف، لقد شل القبض على الديك كل تفكيري، راحت عيناي تبحثان عن هدفهما، آه أخيرا هاهي ذي، إنها تلمع، سأذبحك بها، هكذا هتفت به وانا اضحك مثل مجنون! قبل أن تمتد يدي للسكين ذات القبضة السوداء ،رن جرس الباب، راحت عيناي تدوران في محجريهما، من ياترى!؟إنها ليست زوجتي فهي عند ذويها منذ الصباح ولن تعود قبل يوم غد، حدقت في رأس الديك المتدلي، تبا لك، أين اخبئك يا ترى! اشتد رنين جرس الباب، هرولت وانا احمل الديك، آه مفاجأة، أنه جاري! راح يردد النظر بيني وبين الديك، لم ينبس بحرف، مد ذراعه المفتولة نحوي وافرد أصابعه، وضعت الديك بين يديه مع شبح ابتسامة من فمي المرتجف، أخذ يتفحصه بعناية، قال وهو يستدير منصرفا :
-حسنا فعلت بأمساكه، فهذا المدلل لايغيب عن انظارنا، نعتبره فردا من العائلة. اختفى جاري الضخم ومعه الديك اللعين، بقيت في مكاني حائرا ،لكن ليس لوقت طويل، كان النعاس يكاد يقتلني، هززت كتفي ودخلت مسرعا، رحت ابحث بنشاط وانا أفكر بأن هذا سيكون الحل الوحيد، آه، وجدت القطن أخيرا، دسسته في أذني اليمنى ثم اليسرى، شعرت بالرضا، رميت بجسدي المنهك على الأريكة، اخفيت وجهي بالوسادة، ثم رحت أفكر بأحدث الطرق للتخلص من جاري!!!

     بقلم /رعد الإمارة /العراق 

6/1/2020

ليست هناك تعليقات: