السبت، 7 مارس 2020

قصة قصيرة بعنوان {{آه يازمن}} بقلم القاص العراقي القدير الأستاذ{{رعد الإمارة}}

آه يازمن 

عاد أخي الذي يصغرني بثلاث سنوات في إجازته الدورية  بعد مضي أيام قلائل على وفاة والدنا، كنا نجلس أنا وعمي واثنان من إخوتي الصغار في صالة الإستقبال، عندما دخلت شقيقتي الكبرى والرعب يطل من عينيها، قالت وهي تتلفت حولها مثل الأرنب المذعور :
-لقد عاد، من سيخبره!. أطلقت شقيقتي عبارتها هذه ثم لاذت بكتفي وهي تنتحب. توقفت خطواته عند الباب، راح ينظر نحونا وعلى شفتيه طفحت ابتسامته المعروفة! تقدم صوب عمي الذي تلون وجهه وحاول أن يبتسم في وجهه، أدار كلتا ذراعيه حوله ثم أنزل حقيبته العسكرية، كانت ملامح وجهي جامدة عندما احتضنته فماتت ابتسامة شفتيه في مهدها، جلس بيني وبين عمي، اتكأ بظهره ثم راح يدير عينيه في الجميع، سأل مرة واحدة بعد أن اصطدمت نظراته بثياب شقيقتي السوداء، قال:
-أين أبي!؟. لم ينطق بأكثر من ذلك، احمر وجهه،فهم المسألة بسرعة، ضرب جبهته بيده، ثم راح ينحب بصوت عال،دنوت منه في اللحظة التي أخذ يطرق فيها رأسه في الجدار خلفه! احتضنته من الخلف، حاول الإفلات مني،انحنى برأسه للأرض ،لكني وضعت راحة يدي فراح يطرق برأسه فيها!كان عمي صامتا، أما إخوتي الصغار فقد أمسك بعضهم بحافة الباب ،وقد غيمت ملامح وجوههم، همست شقيقتي بأذني بعد أن زحفت والتصقت بي من الخلف :
-مدد جسمه، دعه يرتاح، سيهلك هكذا.  كان أخي ينشج ويئن وقد وضع كلتا يديه حول رأسه، عاود البكاء عندما جذبته ووضعت رأسه في حضني، رحت أعبث في شعره فيما كان فراغ الباب قد امتلأ بجسد أمي هذه المرة، كانت تحدق في بنظرات جامدة لا أثر للحياة فيها. مدت شقيقتي الوسطى يدها وامسكت بذراع أمي، تقدمتا صوبنا، كانت أمي تسير بطريقة آلية، جلست دفعة واحدة عند جسد أخي المسجى ثم أخذت تقلب نظرها فيه، وضعت يدي على ظاهر كفها المخشوشنة، تقلصت اصابعها وهي ترمقني ببلاهة،رفعت يدها ووضعتها على رأس أخي، ابتسمت بضعف ثم تخللت اصابعها شعره الأسود القصير، أكملت انشودتها التي أسمعتها لي في وقت سابق :
-دللول يالولد يبني دللول، عدوك عليل وساكن الجول. (تمت 😯)

بقلم /رعد الإمارة /العراق 

5/3/2020

ليست هناك تعليقات: