الجمعة، 3 مارس 2023

قصيدة تحت عنوان{{البُعدُ حياة}} بقلم الشاعر المصري القدير الأستاذ{{حسام الدين صبرى}}


البُعدُ حياة
----------------------------------
     رَاقَ لِيَ الغِيَابُ
فَلقدْ  أدمَاني الحضُور
وتَركتُ العَرشَ راضِيًا 
واقتَلَعتُكَ  مِنَ الجذُور
وفَرطتُ في المُلكُ فَمَا
استَثنَيتُ أرضًا أو بحُور
وأودعتُ قلبي شَجَرةً
   لاَ يُراقِصُها النَسِيمُ 
ولاَ يَشدوٌ عَلَيهَا عُصفُور
وكَتبتُ عَلى صفحاتِ الماء 
إني عَائدٌ كَعَودةِ الطيُور
       واستَعَرتُ 
مِنْ دفَاتِر الأحزانِ كَلِمةً 
   لِأُنعِى مَوتَ الزهور
  وأقَمتُ الليل عَزَاءً
فِي فَقِيدٍ  لَيسَ  بِالقُبور
   وشَطبتُ اسمكَ
مِنْ صفحاتِ الهَوى وقَد
كَانَ اسمُكَ نَقشُ محفُور
        وخَرجتُ
عَنْ  قانون  أُلوهِيتِكَ 
وأطَحتُ  بِهذا الدستُور
وفتحتُ رموزَ قُيودِي
وهَاجرتُ الكَهف المسحُور
       هَكَذا أنا 
حِينَ  أحِب  أقِيمُ الليلَ 
   احتِراقًا  وأشواقًا
وأهبُ أيامَ العُمر نُذُور
     وحِينَ أهدَرُ
أمحُو التَاريخَ كُلَّهُ وآتي 
بِعصُورٍ  غَيرَ العصُور
مَنْ قَالَ أنَّ البُعدَ مَوتٌ؟
فَالبُعدُ حياةٌ لِكلِ مهدُور 
ودواءٌ عظيمٌ ولو مُرًّا
 لِذِي القلبِ المَنحُور
مَضيتُ في ساحة الدنيا 
والشَوقُ يُدَاعِبُ السطُور
 وكُلَّمَا حَاولتُ العَودةَ 
كَانَ المَشهدُ الألِيم في 
     رأسي يَدُور
يسرقُني الحَنينُ  يومًا
ويجتَاحُني الكُرهُ شُهورا
      وشهُور
وإذا حَلَّ بِي الظَّمأُ أتَذكرُ 
أنَّه لاَ ماءَ أبداً في الصخُور
يَحلو البُعدُ ويَروقُ لِي
فَلاَ كَانَ ألمًا ولاَ مشَيتُ
   والشَوكُ لِي منثُور
فَلاَ تُفَتِِشُ عن ذنوبي فَإنْ 
     كانَ البُعد ذنبًا
 فَهوَ حَتمًا حَتمًا مغفُور
أنَا إنْ كُنتُ في عَينَيكِ قَاتِلٌ
 ففِي عَينِ الدُّنيا أنَا المقتُول 
فَكُلُّ ما أهدَيتَني كَانَ وهمًا 
        كانَ كَذِيًا
   وأصبحَ هبَاءَ منثُور
رَاقَ لِي البُعدُ فَلَا تُفَتِش
       عن ذنُوبي
إني رحلت مهزومٌ مكسُور
إنْ كَانَ الرحيلُ خطِيئتي 
       فَإني رحلتُ
 إلى سَاحةِ الدنياأبحَثُ
       عنِ النور
رحَلتُ حِينَ كَانَ رِحَابُكَ 
أشَدَ ظُلمةً مِن ظُلمةَ القبُور
--------------------------------------------------------------

حسام الدين صبرى 

ليست هناك تعليقات: