عش مرة واحدة
أعطني زهرة واحدة
أعطيكِ ألف قصيدة من قافيتي
قلت لها
أعطيني قبلة واحدة من شهد الثغر
أعطيك قلباً من المطر
قال عن من تتكلم
قلت عن حلمٍ صغير تهت عنه
منذ صغري
قال
لقد سئمت من خيال حلمك المتحجر
و من ذاتي المعذب
فلم أعد أنفع للحياة مرة أخرى
هكذا قال لي
قلت له
إن تكلمت وجعاً
تكلم لمرةٍ واحدة و أنت تقف أمام
المرآة
فلا تفشي بسرك و سري في انحسارنا
مع اللاوقت
فإن كنت تشكو من الفراغ
عانق جدار المساء لساعة واحدة من
الضجر
و ازرع حلماً بجانب صورة القمر
في السماء
و إن شاهدت بين كوكبين غريباً
معلقاً في الريح
اعطف لمرة واحدة عليه فقط في حياتك
كلها و امدح قلبك
و إن قتلوك و قطعوك و أجهدوك
عذاباً
سامح لمرة واحدة من ظلمك عذاباً
و لا تسامح بعدها
كي لا تشنق حياتك كلها و تبكي بشتائك
الطويل
فإن كنت مؤمناً
صلي لربك لمرةٍ واحدة و قل يا الله
احملني سلاماً
و إن كنت من الغائبين القدامى
ارحل بوجعك سريعاً و سافر لمرة واحدة
إلى أينما تشاء
حتى تدرك طريق قبرك باكراً و تعود إليه
و تنام متى تشاء
إن تعبت من سفرك و من وجع الحياة
فجر كل البلاء غيماً غيماً و احضن
هدوء الوداع
إن كنت تشعر بإرتعاش الروح
و تتنمل رغبةً
حب إمرأة واحدة و لمرة واحدة
و تمسك بها حتى القيامة
كتلك الروح المعلقة بين جسدك
فذاك هو الحظ
السعيد
و إن كنت من الحالمين بدنيا
النساء
تزوج واحدة و لمرة واحدة و تذوق
طعم الحياة بيوم زفافك الأول
الوحيد
و لا تعيد الكرة تفادى كل أشياء الهلاك
على دروب الشقاء
و إن كنت إنساناً و لك الحق
لتعيش
عش مرة واحدة أبدية مع روحك الطاهرة
و لنفسك أنت لا لغيرك
فتنكسر ندماً و تتخلد بالحسرات
و إن كنت من الشعراء أو من الفلاسفة
المخضرمين
اكتب قصيدتك أو روايتك الطويلة كإبن حنيفة
العفريني مرةً واحدة بحبر
دمك
و انجو بخيالك البعيد مع الوحي بالكلمات
و لا تنسى عنوانك
الاخير
و إن بكيت أمام الناس و انكسرت أمامهم
دون أن تعرف لما تبكي
فلا تشكر موتك المشتهى بمعجزةٍ النسيان
بل قل
لذاتك المفقود قد قتلتني فنسيتك
ألماً
و إن زرت قبر أباك بعد سنين غربتك
المذلة زره لمرةٍ واحدة
قل له شكراً قد علمتني الطريق إلى الخطوة
لكنك تركتني بلا أثر
دللتني كي أعرف قبرك البعيد ثم خذلتني
برحيلك القاتل في العجل
قل له لما لم تعلمني طريقك إلى الموت
كي أموت معك أبتي
و إن مت هناك دون أن تدري بأنك
قد مت
راقب سفرك الأخير بموكب الجنازة
و لا تتذكر شيئاً من حديثك معه حتى تنام
في منامك الحجري
فعش ساعةً أخرى في موتك الابدي هناك
و حررني من ثباتي
فإذا عشتَ عش مرةً واحدة
و إذا متَ مت لمرةٍ واحدة معي و عاتب
بوجعك كل الذكريات
ثم ارجع حجراً كما كنت في القصيدة
بلا عنوان و بلا أثر
فلا تختزل و تحتكر لنفسك كل أشكال
الرحيل
عد إلى مزاياك كلها في الإنكسار و فك
قيدك في الإنتظار
و لا تقل لمن عبروا من زمنك كلاماً
عن الهلاك
قال لقد أطلت عليَ بالحديث و كدت
أفقد الوعي من الدوار
و أكمل حديثه معي و مضى بعيداً عني
و هو يتمتم
لقد كان كلامه كالماء يصبح ليكون شعراً
لكنه كان يجهل الكثير عني
قلت لنفسي من هو هذا
الغريب
ثم مضيت دون أن أشكره على كلامه و
نصائحه لي
فقلت لصدى الغياب أنا من هناك يا أيها
البعيد و لست هناك
و أنا من هنا يا أيها القريب و لست
هنا
و مازلت أسير في دوامة الضياع أجرُ
بذكرهِ خيال الوقت بين الكلمات
العابرة
مازلت أجمع بالحجارة و أفسر الكلمات
بين صفحات الأيام
الغابرة
فمروا يا منشدون بلحن الخلود و من تعثرنا
المبكر
من جرحنا
من ذلنا
من دموعنا
من نوحنا
من قهرنا الطويل من الحرمان
من انكسارنا الذلبل
من أوجاع السنين و مرها بألف موت محقق
من شرودنا البعيد من خيانة زوجاتنا
المتحضرة
من جرح الحكايات من زمن البدايات
الأولى
من ولادة الطفل القاتل
بنكسة الأرواح البريئة بكفن الديانات
مروا من جرحنا إلى جرحتا و اعبروا سماء
قبورنا إن استطعتم أن تمروا من
هناك برحلة أخرى
برحلة الذين فروا هاربين بعيدين من
حياتنا الثكلى
برحلة الذئاب المتكالبين على الدماء
بقطعان البشر المتمردين على عرش
السماء
و برحلة لا تشبه السفر للفراشات على
طريق الأزهار المتفجرة
بغياب الدين
بلعنة الزمن و كل السنين
بصوت الأنين
بتشت العناوين
بإنقلاب الملائكة على الشياطين
بضجر الشعراء الجبناء المحبطين
برعشة الأرواح على دروب الأموات المتعبين
نحو الخلاص على مسافات الموت
تلك المختصرة
فمروا يا منشدون بلحن العذاب للعذاب
بأرواحنا المتهالكة بالهلاك
المحتضرة
فمروا من سلالة المنكسرين من بين
كل المعاني الحائرة
من أيامنا بزمن الخسران من خطواتنا
نحو قيامة أخرى متكررة
من تعثرنا مع القصيدة من فشلنا بكل
الأدوار مع الحياة
من هواتنا
من سقوطنا الطويل بألف وجعٍ
من سراديب الأحلام المظلمة بسنواتنا
المتناثرة
من دهشتنا بصورة الإله البعيد
من خلل التكوين المستمر للأزمان
المتغايرة
فمروا يا منشدون
من كل أيام حياتنا البسيطة
من تعويذة إمرأة تسحر الآلهة قبل البشر
بإسلوبها الساحر بنت اللقيطة
أخرجوا من أحلامنا المكسرة على أبواب
السنوات
من مسائنا الطويل الطويل بألم الذكريات
بصور أمواتنا المشتهرة
و خذوا حصتكم من لحمنا و حصتنا
و استريحوا على موتنا
الطويل
مروا من كلامنا البسيط من قصائدنا المدوية
بالسقوط من شكلنا البائس خلف
الستائر
من جرح ولادتنا العصية على الشمس
من ذاكرتنا المتشرزمة
من كل أسمائنا الضائعة في الهلاك بحروفها
المتطايرة
فمروا يا منشدون
كما تشاؤون من موتنا العاثر في المتاهات
من زمن الأزمات
من رجس اللعنات
من دموع الأمهات
من خيانة الزوجات
من سراب الدعوات
من صرخة الصلوات على الأموات
من توابيت الأحلام الكثيرة التي تمضي
للسماء بصورها الباهرة
من لغة الجسد إلى لغة النظرة
الأولى
من لحظة إدراكنا بأننا قرابين فجر
المسائات
فمروا يا منشدون من مسائنا الطويل
الطويل
و اتركوا لنا كل نجومنا و قمرنا البريء
المضيء على نهد نسائنا
و نبيذنا بكؤوسنا الفاخرة و أغانينا الرومانسية
بسهراتنا الشهية في الحب
حتى يتيح لنا الرقص معاً في الكمنجات
حتى يتيح لنا الحديث معاً مع الجميلات
و قد نصبح بيومٍ ما حياةً الورد و شقائق
النعمان
و لأننا بشرٌ فيحق لنا أن نمارس كل طقوس
الزواج و الغزل
كما يحق لنا قليلاً أن نعانق
الحمام
و يحق لنا مثل الآخرين كل الآخرين أن نمارس
حقنا في النوم عند بوابة السلام
بسرير الأبجدية بلغة الأوفياء مع الكلمات
في نفسٍ واحد
نحن و أرواحنا تلك المتعبة في مر
السنوات ....... القاتلة
ابن حنيفة العفريني
مصطفى محمد كبار .... في ١١ .... ٨ .... ٢٠٢٥
حلب سوريا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق