أحلام على ورق
لو كان لي ذراعاً طويلاً
حتى المدى
لأمسكت بغيمةٍ بعيدةٍ و عصرتها بأرض
الفقراء من الجفاف
مطراً مع خيوط الشمس
الإفقية
و لو كنت مثقفاً مثل مثقفي ايطاليا
أملك قلماً من كحل عيون النساء
الجميلات
لكتبت في المساء فوق جبين السماء
أغنيتي
حرفاً ينثر خبراً مثل الزهور بشوارع روما
و على أرصفة البحر
بالبندقية
لو إن الأيام حسبتني إنساناً ككل
البشر
لخضت تجربة الحب مع إحدهنَ الغربيات
و شكرت حظي حتى الصباح
ل تعلمت من ليل نساء ايطاليا كلام الغزل
و كل الرومانسية
لكن حظي كان كافراً و حقيراً
أنجبتني أمي في حيٍ فقير و في بيتٍ فقير
و من زوجٍ فقير
يركض وراء اللقمة بين الصخور و على الجبال
و يلفُ حول الكوكب و هو يبحث
عن رزقه المعدوم بين الهياكل
العظمية
كم كنا من الحمقى الذين دفنوا في الحياة
و هم أحياء
كم كنا ملائكة حينما نمنا بأحضان الشياطين
و نحن نحلم بصورة الحياة
الخيالية
فلو كنت نبياً بزمن الكفر و الشرك المبين
و كان معي كل حاشيتي
لصليت على الموتى القدامى و دعوت
إله الكون
كي يلين بالقلوب حجراً و ينثر من غدنا الآتي
عطورٍ و أيامٍ بروائح ذكية
لو إني
كنت حاكماً على بلاد الأموات الأحياء
لنشرت سلاماً بين أمتي
كي تستريح من الهلاك و أقمت على جسد
الشهيد عدلاً و ثم عدلاً
لقلت أمام الملئ أنا خادم أحفاد عمرٍ
و خادمُ أحفادُ عليَ
و لو
كنت ثرياً كأثرياء العرب الخليج
لشلعت من البرايا كل الخيم المهجرين المساكين
من جذورها
و بنيت لهم بيوتاً من الرحمة في الشتاء
القارس
لجعلت من ضحكة تلك الطفلةٍ المحرومة
من الحياة
أن تفتح لي أبواب الجنة من رضى الرحمن
بدل شراء اليخوت الفاخرة لعربدة الشيطان
على جسد النساء العارية
لو كنت حقا أؤمن بكلام الرسول الكريم
و أؤمن بالله
ما تركت الفقراء لوحدهم في تلك المصيبة
للكفر و للأيام المؤذية
و لو كنت وطناً
لشعبٍ طيبٍ جريح متشرد بين الظلمات
كسرته المؤامرات
لزرعت على حدودي زهوراً بدل البنفسج
لتدل عليَ و لمكانتي بكتب التاريخ
تلك الكتب الثرية
ل لملمت بكل أبنائي من الشتات و من بلاد
المهجر
لكنت أعطيتهم حقهم بالمواطنة سواسية
و حقهم من الإنتماء سواسية
لقلت للجميع أنا أمكم فتلك هي
الهوية
كي يعودوا إلى البيت و هم مرفعي الرأس
سالمين من الخيبة
و هم يرسمون على شمس الصباح
بعودتهم
فرحين بأملاً يسطع من الشمس من
بعد الأذية
لو و كنت إلهاً
على عرش السموات و الأرض لأعطيت المذبوح
من رحمتي
نجاة ٌ و حياةٍ ساخية
كي يحمل ذاك المذبوح فيني موته
و إلي بصفي النية
و هو يحمد ربه و يشكره و يقبل قبره الأخير
من بعد ظلامه
بطاعته
بولادته
بصبره الطويل الطويل على درب فجرٍ
كان عليه عصية
و لو إني كنت أهوى الرحيلَ
كذاك المسافر على أجحنة الضياع على دروب
الملح البعيدة وراء الإنكسارات
لزرعت للمهجرين الجدد بطريق سفري قمحاً
ليأكلوه
كي يتذكروا سلام خطوتي إلى مماتي و يتذكروا
صلاة الأنبياء على الضحية
و لكي لا ينسوا زمن اللعنة بخطوتهم الأخيرة
في الهروب لدنيا الغياب
في الأبدية
و لو كنت أستطيع أن أِخبِرهم
لقلت لهم هل تعلمتم من العذاب الآن
يا أبناء بلدي
هل تعلمتم كيف يصبح الأنسان في بلد الهلاك
من الغباء بموتنا
كلباً شرساً يأكلُ لحمنا
بشهية
فلو كان معي كتاب سحر
الإله
لقرأت للشياطين المقلدين صورة الرحمن
عن العبثية
لحفظتهم من آيات الله
عن ساعة القيامة و عن كل المعجزات
و قد يأتي
علينا زمانٌ غير زماننا هذا فلا نموت فيه
منكسرين و منقسمين هكذا
و قد نخجل يوماً من الإله المعظم بكفرنا
و قد لا نخجل من كفرنا
فلنا من أبدية الكفر
بقية
و لو كنت شاعراً كما ابن حنيفة
العفريني
المحنك بلغة التصويب و اتقن لغة الهزيمة
القديمة
لركض كل البشر مسرعينَ نحو قصيدتي
و ضربوا لي التحية
لو كنت قادراً أن أحصد كل النجوم و
الكواكب لجعلتها حمامات تطير في سماء
بلادي سلاماً
لعلمت القصيدة كيف تنجو بنفسها قبل الحصار
المفروض عليها
من زمن الجهل و من زمن
العنجهية
لجلست تحت شجرة الزيتون بعفرين الجريحة
أصفنُ بمواكب القتلى
و أنا أكتب قصائداً من خيال الغياب شعراً
ليهدم بجدار الإعتذار
من دموع الأمهات عهداً للخلاص من الإنكسار
في زمن الجاهلية
لرتبت مع الشمس شكل الصباح من الكلمات
نوراً
لقلت للغرابين الجدد أنتم هم لعنة حياتنا
في الوجع الإعتيادية
فأنتم و إن تمردتم علينا شراً و إن
متنا مغدورين
سنموت كما الأنبياء طاهرين من كل
ذنبٍ
و أنتم كباق الظالمين على أرضي بطول
القرون
ستسكنون في الجحيم ندماً بحساب الله
في الأزلية
فنحن شعب بلد الياسمين بلد الناس الأوائل
الطيبين
فخذلتنا جوارنا الثعالب و تكالبت علينا
كل كلاب الكرة الأرضية
فلو
كنت شهيداً أنا بتابوت قديم يغطيني علم
بلادي
لقلت يا الله أعدني لساعة واحدة إلى بلدي
الجريح كي أرفع رايةً السلام
و الحق
فأنا فقط أستطيع أن أعلم لكل للبشر
معنى الإنسانية
فإصنع يا الله من موتي للمتحاربين الدخلاء
في بلدي على اللاشيء من أجل لا
شيء
قل لهم هذا موته بين أيديكم فإرقصوا على
نعشه كما تشتهون كرقصة راقصة
غجرية
فهذا نعشه القديم مرميٌ بحواريكم و بشوارعكم
فإكفروا كما تكفرون
و حطموا كل أيام الناس بقتلها و انشروا
للقتل تلك الدعوات الغبية
و قدم يا الله بساحة القتال المليء بالخطابات
الكرهية جنازتي لهم
كي تكون جنازتي لهم سبباً لهدنةٍ طويلة
بالسلمٍ الأهلية
و لا ترجعني بجنازتي لهزيمة اخرى لجنازةٍ
أخرى
لتفضح كذب المنافقين المنتصرين أعداء
الإنسانية
كن كشغف الموت المبكر إذا مت غريباً إلهي
بين جدران المنفى
كن معي و إرحمني يا الله كي نحمل صورنا
مع الذكريات و نمضي لديارك
سوية
ربي نجني من مهانتي و نجي كل الناس
و نجي كل بلدي الممزق
من الأحقاد من الفتن و من الكره بين الطوائف
نجنا نحن أصحاب القضية
من من يلعبون و يفرحون بموت الناس
و من العنصرية
نجنا من ضلالة الطريق إلى الشيطان
المنتصر
من عبثنا البعيد بلاوعي بالقتال الحرام
و من الفوضوية
فهل أبكي لوحدي هناك على موتي البعيد
يا الله و أندم بالخسارة
أم أبدل بوقت جنازتي و أمدها لساعة
أخرى
ريثما أعود لذاتي القديم فالموت يا الله هو
أجمل من البقاء
بوجع كبير في حياةٍ سودوية إن كنت تدفئنا
بلا وجعٍ فخذنا يا موتنا من جحيمنا
بروية
و لا تحملنا فوق طاقتنا ما ليس نتحمله
لكي نموت أكثر
فالقد تعبنا و تعبنا و تعبنا فكيف هو شكل
دربنا للخلاص
و كيف سنعلم شعبٌ كاملاً أن ينجو من
سخافة العبودية
فعلمنا يا الله أكثر كيف نصبح
بشراً
علمنا يا الله كيف نزرع شجراً في عفرين
و لا يقطعه
من باب الحقد و الكفر و الطائفية
علمنا يا الله طريقنا إلى المحبة و معجزة الحوار
الوطني اجعلنا نتحاور كأخوة الأرض
الواحدة
فالقد كسرتني الأمنيات البعيدة و هدمتنا
السنوات الخمسة العشر و تلك الحروب
التي أحرقت بلادنا العربية
فكفانا يا الله وجعاً
فالقد شبعنا قهراً و ألماً بنهر الدموع بإنحسارنا
بين وجعين
بأيامنا التي تمر علقماً من أعمارنا
المنسية
و قل للحياة إليهنا
يا أيتها الحياة العنيدة فلا تعبثي بهم شراً
و تطحنيهم كرمل الصحراء أمام
رياحكِ
يا أيتها الحياة لا تضرمين بهم ناراً و تسقطينهم
كالرماد في النهر فهم أوجع الكائنات
البشرية
فإتركينا يا أيتها الحياة
اتركينا قليلاً
كي نحيا و لو بالقليل القليل فنحن إن كنا من الأحياء
فمن حقنا
أن تعلمينا كيف نحملك لحياتنا بحياةٍ أخرى مختلفة
و من جهة أخرى
غير تلك التي شنقتنا و كسرتنا بكسرتنا
القوية
و إن كنا نحن من المسافرين البعيدين
البعيدين
فعليك أن تعلمينا كيف نرسم من دموعنا
طريقنا للبيت
كي نعود و نحن سالمين من العذاب إلى بيتنا
المهجور بالآجار
في حلب الشهباء بالحي الأشرفية
و إن كنا من الملائكة المتعبين
فعلمينا كيف ننام و نحن مطمئنين على أرواحنا
في المنام المكسر بحياتنا
المنفية
علمينا كيف نضع برأسنا على الحجر
و نحن نموت غرباء في بلادٍ
أجنبية
علمينا كيف نزرع على قبورنا سنابلٍ خضراء
للطيور البريئة القادمة من جراحتنا
بدموعنا التاريخية
فإن كنا من القتلى القديمين يا
أيتها الحياة
بين كل التفاصيل غضبكِ و بين أنياب الزمن
التعيس
شدِ بحبالكِ من حول رقابنا علمينا كيف نشبع
من موتنا و نلعن شكلكِ و كل
حياتكِ البدائية
و إذا كنا فعلاً نحن من البشر الضائعين
في أرض القرود
فلا تكفري بحياتنا البريئة التي كانت هناك
كوني على جنبٍ
و اتركينا أن ننجو بما تبقى لنا من الأيام
كوني بحيانتا حيادية
و إذا كنا من الحجارة اصعدي بنا لآخر الزمان
أعلى من جدار القلاع العالية
بغلكِ
بحقدكِ
بكفركِ لنا بالحرمان الكبير بجحيم العذاب إلى العذاب
و انسي انكِ النهائية
علمينا يا حياةُ بآخر القصيدة
كيف نصبح بزمن الظلم بشراً من المسلمين
مسالمين مع الناس
و كيف نرجع إلى الله طيبين بقوانين إلهية و
رسائل الكتب السماوية
فعلمينا و علمينا و علمينا كل دروس الحب
و كل أجزاء الإنسانية
فربما نعود لرشدنا و نصبح بيومٍ ما حياةً
للآخرين
لا سيفاً بالخاصرة بيد الشيطان و هي تحصد
بالأرواح البريئة كفراً و ظلماً
ككلابٍ عدائية
فلو نظرنا إلى وجه الله بخشوع لعدنا جميعاً
إلى معجزة العدل و المساواة و للعقل
لكنا قد أقمنا للأنسان من العدم سبيلاً إلى
حياةٍ بهية
فخذنا يا أيها المستحيل إلى أرض الكنايات
و لا تمتحنا أكثر بالحرمان
المعذب
فخذنا إلى حياتنا القديمة في زمن البدايات
الأولية
فهناك كانت طفولتنا السليمة مع الريح
بكل أسمائنا قبل قتلها
و هناك كانت كل أحلامنا البسيطة التي أدهشتنا
فرحنا
ركضنا و مرحنا مع أولاد الجيران و لعبنا البسبطة
و طائرتنا التي كانت تطير فوق بيوت الحي
بزيلها الطويلة الورقية
فمتى تهنا عن بعضنا جميعاً ... ! ؟
متى أصبحنا غرباء لا نعرف من منا الذي
ضاع
فياليتنا نرجع للحظ يوماً و يرجع لنا تلك
أيامنا العادية
فخذنا يا أيها المستحيل إلى جسدك البعيد
و لا تحمل خيبتنا الكبرى معك
فالقد أجهدنا بالهلاك كل العناوين و كل الدروب
بطول النكسات بفصولنا الأربعة
السنوية
فأنتَ أدرى بالمكان و أنت الأدرى بالزمان
المر العصيب
فإرجم يا دربنا البعيد من حياتنا كل اللعنات
الطاعنة
و رجع الينا تلك حياتنا القديمة
الإجتماعية
فلو كنت ملاكاً كما الإسطورة
تقول
لقلت للمستحيل لأكثر من مرةٍ خذنا من
هناك إلى هناك
إلى موتنا الطويل المشتهى و لا تكسرنا برحلةٍ
أخرى متناثرة متعثرة
بهذه البلية
و لو كنت أستطيع أن أنطق بالحق بلساني
دون أن أقتلْ
لقلت للمستحيل إلعن صفوة الريح خلف
كل الجنازات
فتلك الجنازات العابرة الخاسرة هي جنازاتُ
العصرُ الأنانية
فيا أيها المستحيل
خذ كل حياتنا و كل مماتنا و إلعن ولادتنا من
أيامنا الأولى من أمنا السبية
حتى أيامنا هذه الملعونة الشقية
و إختم ذلنا و قهرنا و مرنا و كسرنا اللانهائي
في الأزلية بهذا الزمن المتكالب
جهراً
و احمل معنا لقيامة أخرى أسم هذا البلد
المنكوب شام
بجرحنا بدموعنا بتشردنا و ضياعنا على دروب
الموت المتعدد
و احمل معنا هويتنا الضائعة بجرح
سورية
و قل للحياة البعيدة كلاماً من حبر أوجاعنا
في القصيدة
بكلماتٍ ملعونة تافهة حقيرة بأبسط الكلام
شريطة أن لا تدل على صورتي
و شريطة أن تكون سليمة اللفظ و سليمة اللغة
فيجب أن تكون القصيدة ناضجة
و ذو شأنٍ كبير و مقتدرة كي تليق بوجع وطنٍ
ذنبه ناد للحرية
و رتب
يا أيها المستحيل لنا بثوب الأكفان
موتنا
و هي محتضرة بمعناها الساقطة و مختصرة
لجهة الموت
وانسى كل تاريخ البلد المكسور معك
يا أيها المستحيل
و قل للتاريخ عنا ها هم شعب سوريا المجنانين
أعداء الإنسانية
فإن كنا من أحياء المدينة
فدعنا نعلم الرسل و كل الأنبياء خيانة
الشعب
و إن كنا من الأموات فعلمنا يا أيها المستحيل
كيف هو الطريق و الوصول إلى الله
حينما نصبح أمواتاً على أبواب الغرابين و هي تصدر
علينا أيام العذاب بالسلاح
و بالعنترية
فخمسون عاماً و نحن كنا جبناء البلد
و بلا كرامة و هوية
خمسون عاماً و نحن شعبٌ أحمق نصلي
صباحاً و مسائاً
حتى نبقى كالحمير بلا عقل آبدين و ساجدين
بجهلنا الطويل بزمن العبودية
فالقد كنا و مازلتا
ندور و نحن خائفين و خائبين في حلقةٍ
مفقودة بحكم العسكرة
بحكم صغار العقول الذين تعلموا من موتنا على
موتنا السهل بالبربرية
فمتى نعود بشراً و متى تعود هويتنا
السورية ...... 😭
ابن حنيفة العفريني
مصطفى محمد كبار ... من حلب سوريا
في ٢٦ / ٧ / ٢٠٢٥