“سُهاد الذكرى"
تداعى على قلبي حنينٌ مكتمُ
وفي هدأة الأرواح صمتٌ يلثمُ
وجوه الليالي في خيالي ترسمُ
ظلالًا على الأبواب والليل يلحمُ
تركتَ بأحشائي مواويل مغنمُ
وسافرتَ في أعماق عمري فأعتمُ
أمرُّ على الذكرى وأحضن طلعتك
فتصحو على وجدي عطورٌ تنمّمُ
إذا ما طغى أنفاس غربتك الحزنُ
تغشّى ربيع الروح دمعًا يهيمُ
تجرّد حزني من ثياب تعقّلٍ
وصار إلى نبض القصيدة يختمُ
فتحت لقلبي باب شمس تأملٍ
فأزهر في الأعماق ضوءٌ يكرمُ
دعاني إلى الدرب المسافر طيفكم
فغادرت أوجاعي وقلبي يعلِمُ
غريب المنى أمضي إلى الموج صامتًا
وتبكي على كفي الليالي وتؤتمُ
على شرفة الصبح انتظاري مؤبّدٌ
وآمالي المصفاة للأفق ترسمُ
وكنت على الأيام لي كنز حكمةٍ
وفقدكَ في أيامي الشعثاء يظلمُ
سألني المساء عنك: أين مدامعي
ترددت في الرد وقلبي يحطمُ
وتحت جناح الوجد ترحل نجمةٌ
وتترك في عيني ضياءً يكلّمُ
لئن غاب وجه الحب في ضوء ليلنا
فإني بظل الذكريات أيممُ
وتحملني الأشواق فوق مشاعلٍ
وتوقد في قلبي اشتياقًا يضرمُ
مضيت إلى الغيب الجميل مكللًا
وأوراق عمري من رحيلك تسقمُ
سقاك من الإحسان ربك غيثه
وعمّ على الأرواح عطفٌ يكرمُ
تركت على جدران وجداني الهدى
ونورًا من التحنان يروي ويلهمُ
وأبكيك إذ تمضي الليالي بلا هدى
وتسرق مني سر قلبي وتحرمُ
وتبكي الربى في غيهب البعد لوعتي
وتهمس في الأعماق ذكرى وترسمُ
وعود أمان في الحنايا موشح
يناجي على الأوجاع وجدًا ويرغمُ
فيا أفق الآمال هل من مسافةٍ
تقرّب من غابوا إذا الليل يظلمُ
ويا طيف ماضٍ في دمائي هائمٌ
إليك دعائي كل يومٍ يُختَمُ
سلام على الأرواح منكم وأمنها
وعطر إذا مر الزمان ينعمُ
رحلت وظل الحلم في الروح ساكن
وأشواق قلبي في دروبك تحلمُ
تلوح في أفق الذهول أسرارُ
وتشرق في قلب الطفولة أنغامُ
أفاض على وجد المساء توهجٌ
وألقى على الأضلاع صبرًا يضامُ
رأيت انكسار الشمس عند مفارقٍ
تبعثر أشلاء النهار وتسامُ
وعطر المنافي في الدروب غيابهم
وأصداء أشواقي نداءٌ يلامُ
أفتش في ليل المواجع عن رؤى
وأحمل صبر العائدين وغرامُ
توارت أغانينا على سفح دعوةٍ
تنوح أمانينا ببوحٍ يرامُ
تكسّر في لحن الشجون ترددٌ
وحاصرني في غربتي ليلٌ ظلامُ
تدثّرني الأشجار من زمهريرها
ويبكي على أنقاض وجدٍ حمامُ
وقفت على بوابة الشوق واجمًا
ومزقني في الذكريات هيامُ
تدلّت نجوم في سماء طفولتي
وأوقد في أعماق روحي إلهامُ
تخط يد الذكرى على صفحة المدى
حنينًا طويلًا والرجاء ختامُ
وشيء من الآتي يرفرف في دمي
يعانق أحلامي وأملٌ وسلامُ
أجرجر خطوي في دروب مقفرةٍ
وأحمل في أعماق قلبي زمامُ
تطوف بي الذكرى إذا ضاق مسلك
وتشرق في أهداب روحي شمامُ
تجرعت كأس الوجد حتى انتهيتُ
وأزهرت صبرًا والأنين غمامُ
تموج سنين العمر في ضوء حكمةٍ
وتسكب في خدي بقايا سلامُ
أراك إذا أوهت ليالي صبابةٍ
بريق التلاقي في الخطى وإلهامُ
وحين يضم الليل جفن مواجعي
أفر إلى دفء الحنين وغرامُ
ترن أغانيك القديمة في دمي
وتضحك للأيام شمسٌ تنامُ
إذا أغلقت أبواب دنيانا الرؤى
يظل عبير الذكريات مقامُ
✍️بقلم الاديب الدكتور أحمد الموسوي/العراق
جميع الحقوق محفوظة للدكتور أحمد الموسوي
بتأريخ 02.02.2019