قصة (رنين )
لم أكن قد غفوت بعد ،عندما امتدت يدها البيضاء الرشيقة،اجتذبت جسدي المدور من فوق الدولاب الصغير المجاور لسريرها، حدقت في وهي تتأفف،أدارت المفتاح المثبت في ظهري عدة مرات حتى كاد أن يصيبني الدوار، اعادتني لمكاني المعهود فوق سطح الدولاب المعدني، تبا لك! ماذا كان سيحصل لو كنت أكثر رقة وانت تقومين بأعادة تعبئتي! هكذا همست أنا. كانت الساعة السابعة صباحا حين راح جسدي يهتز هزات عنيفة، خيل لي وقتها إن ثمة زلزال قد وقع! قبل أن افيق من دهشتي امتدت يد أعرفها، قبضت على جسدي ثم طوحت بي، استقبلت الأرض بوجهي وبقيت هكذا مكبوبا حتى حين! قبيل الظهيرة بساعة شعرت بيد ترفعني، آه، إنها نفس اليد التي طوحت بي! سمعت صاحبتها تقول وكأنها تكلمني:
-لافائدة منك ، رنينك مزعج، ربما حان الوقت لأستعين بمنبه الجوال، فهو أفضل وأكثر هدوءا ورومانسية!. اجلستني على ذات الدولاب، كنت ارمقها بغيظ ،وهي تخلع ملابسها قطعة قطعة تمهيدا للأستحمام!بعد دقائق كانت تقف أمام المرآة، أخذت تدندن وهي تسرح شعرها، رن هاتفها المستلقي بكبرياء جنبي، حدقت في شاشته وابتسمت، سمعتها تقول، حبيبي، لمن! لست أدري. قبل أن تخرج راحت تتصفح الأشياء في الغرفة بنظراتها، حدقت في لبرهة صغيرة ثم ساد الظلام وأغلقت الباب. لا أعرف كم بقيت في ظلام الغرفة الدامس، ربما أسبوع أو شهر، حقيقة لا أدري، في البداية كنت أعد الوقت، لكن بعد ذلك ضيعت العد ،حتى إني أصبت بالغثيان! كنت نائما عندما فتح الباب فجأة،ثم سطع النور القوي الذي افتقدته، من هؤلاء! آه هذه أمها أعرفها جيدا، وثمة شاب معها لا أعرفه! استدار الشاب،ياالهي إنه يحمل مخلوقا بدا هشا! تقدم للأمام،وضع حمله برفق على السرير، كدت أن أبكي من الدهشة والفرح، ياه، لقد عادت إذن! راح الشاب يعبث بشعرها برفق،سمعته يقول :
-حبيبتي ولايهمك، مازلت هنا على أية حال، المهم انك بخير. حدقت بها، كانت عيناها مخضبتان بالدمع، لم تنبس بحرف، تقدمت أمها وقبلت جبينها، قالت :
-لطالما حذرتك من السرعة، تقودين وكأنك تسابقين الريح. سمعت الشاب يتنحنح، سكتت الأم فجأة، لكنها مالبثت أن راحت تضحك وهي تقول :
-سنحتفل هذا المساء بعودتك ، يرغب الكثيرون من معارفنا بالحضور، ستكون حفلة مميزة، وسنعلن خطوبتكما!. أمسك الشاب بيد الأم وقال :
-نعم، والزفاف بأقرب وقت، لن اتركها تفلت من يدي هذه المرة. سمعتها تقول بصوت خافت وهي تحدق في وكأنها تراني لأول مرة :
-أريد أن أنام. تحركت الأم صوبي، حدقنا ببعضنا، قبضت على جسدي،ادارتني ثم راحت تعيد تعبئتي، التفتت للبنت الملفوفة بردائها الأبيض الطويل، قالت :
-ارتاحي حبيبتي، نامي الآن، سيوقظك المنبه بعد ثلاث ساعات، لقد أعدت تعبئته. قالت هذا وأخذت تربت على رأسي برقة. اهتز جسدي هزات عنيفة بعد مضي وقت خيل الي إنه لن ينتهي، كنت أحدق حينها في الجسد النحيف الهامد بلا حركة، بعد لحظات ورأسي يختض ندت عن الغطاء حركة طفيفة، ثم لاح رأس البنت بشعرها المشوش وعينيها الوارمتين، رمقتني وراحت ترمش، فجأة لمعت عينيها، أدركت إنها ربما ستطوح بجسدي هذه المرة إلى آخر الغرفة! مرت ثواني طويلة واصل خلالها رأسي الأرتجاف،أخرجت جسدها بلهفها خارج الغطاء، توقعت أن تمد يدها، لكن لاشيء من هذا حدث، كانت بلا ذراعين!حدقت في وماتت اللهفة في عينيها، سحبت جسدها للأسفل ثم اخفت رأسها تحت الغطاء وراحت تنشج، أما أنا فقد خالفت التوقعات لأول مرة، وكففت عن الرنين! (تمت )
بقلم /رعد الإمارة /العراق
12/3/2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق