ليلٌ وذكريات
-------------------------------------
حِينَما يَأتِي الَليلُ وتَدُقُّ السَاعَةُ
في حَوائطِي المَنفِيَة
تَدُقُ كَأنَهَّا أجرَاسُ كَنِيسَةٍ شَرقِيَة
تَأتِينِي جُمُوعُ الآلامِ فِي صُورَةِ
أشوَاقٍ أبدِيَة
يَصطَفُّونَ دَاخِلِي وأنَا المَسجُونُ
كَشَعبٍ نُصلِي صلاةَ الحُريَة
أُحَدِقُ فِي الَليلُ فَلاَ أرَى إلاَ نَفسِي
أُحَدِقُ في المِرآة فَلاَ أرَى إلاَ حُزني
وأفَتِشُ فِي أضلُعِي أرَاكِ تَنبُضِينَ
أُفَتِشُ. فِي دَفَاتِري أرَاكِ كَلِمَةً
سرمَدِيَة
إعتَدتُ إعتَدتُ السَفرَ فِي الليل
إعتَدتُ المَوتَ فِي الليل
إعتَدتُ سُؤَالَ الَليلِ عَنكِ
فِي كُلَّ أُمسِيَة
هَكَذَا أنَا والذِكرَيَاتُ والَليل
أحزاني كَأحزَانٍ شِيعِيَة
وُلِدت بِضَرِيحِ عَليّ وصَارت
سُنَةً كربِلاَئيَة
طَيرُ أنَا فِي سَمَاءِ الكَونِ مُنكَسرٌ
وأمَهُ لاَزَالتُ حَيَة
أسألُ عَنكِ الأشجَارَ فَلاَ. تُجيب
أسألُ عَنكِ الفضَاءُ فَلا يُجيب
مَنْ يُجِيبُ سُؤالًا
بِهِ ألفُ رَجَاءٍ وألفُ دمعَةٍ
وألفُ أمنِيَة
أحُطُّ عَلى شَوَاطِىءِ النِسيَان
ولاَ أرتَوِي
وأشرَبُ كُؤوسَ الصَبرِ ولا أسكَرُ
وأُسَافرُ فية قصَائدي الوردِيَة
أختَرِعُ ألاَفَ النِسَاء
أسَافِرُ في البَيضَاء وأعُودُ بِالخَمرِيَة
فَلَا شَىءَ يُطفِىءُ جُوعِي
ولاَتَستَقِرُ امرأةٌ في ضلُوعِي
كَيفَ بَعدَ السُلطَانَةُ تَسكُنُ جَارية
كَيفَ بَعدَ العَمِيقَةِ تَستَهوِينى السَطحِيَة؟
تَبقِينَ أنتِ
المَرأةُ الحَقِيقِيَّة والزَهرةُ الحَقِيقِيَّة
وأنتِ اللحنُ الخَالِدُ عَلَى مَرِّ الزمَانِ
وأنشُودَةِ السلامِ الحَالِمَة الشَجِيَة
أسألُ مَنْ لاَ يُسألْ وأحمِلُ مَالا يُحمَلْ
وفي الليلِ أحلمُ بِنسمَاتُكِ الصَبَاحِيَة
مِنْ سِجنٍ لِسِجنٍ ومِنْ جَلدٍ لِحَرقٍ
فَبعدكِ أحدَاثُ عُمري كُلها
أحدَاثٍ مأسَاوية
غَابتُ الشَمسُ عَمدًا وانطَفَأ النَجم
بِلاَ سَببٍ
وغَابَ القَمرُ بِلا عُذرٍ في لَيَالٍ قَمَريَة
وصُلِبتُ ألفَ مَرةٍ ومَرةٍ وفي. كُلَ رُكنٍ
حُطمت مَزهَرِيَة
لَمْ تُبقِ لِي شَيئا ذا طَعمٍ ذا رائحَةٍ
فَكُل أشيَائي بعدكِ ضحيَة تلوَ ضحية
فَمَتَى مَتَى
تُحيينَ أشيَائي مَتَى تُلَملِمِينَ أجزَائي
مَتَى تَحُطُ السُفنِ على شَواطئي
الحَزِينَة المَنسِيَة؟
لَيسَ آلَليلُ فَقط مَنْ يَسُوقُ
إليَّ الذكريات
بَلْ النهارُ أيضًا أصبحَ مُشتَعِلا كَأنهُ
يغَارُ منَ الليل وأصبحت ريَاحَهُ
رِيَاحا عَاتيَة
إلى مَتَى تَدُورِين فِي الدنيا وإلى مَتَى
كَالمَجنونُ أدُورُ حَولَ نَفسِي
وكَمَا تَدُورُ الأفلاك
تَدُورِين في دَورتي الدمَوية
إنْ كَانَ البُعدُ ذَنبًا فَقدْ كَفَّرتُ
عَن ألفَ معصِيَة
بَينَ لَيلٍ وقُضبَانٍ وذكرياتٍ أنتظرك
وسَأنتظرك إنْ كَانَ في العُمرُ بَقِيَة
------------------------------------------
حسام الدين صبرى/