"سِفْرُ العَدَمِ"
تَطَاوَلَ لَيْلُ البَيْنِ حَتَّى تَعَثَّرَتْ،
فَيَغْمُرُنِي مِنْ سُودِ أَوْقَاتِهِ القَتَمُ.
وَيَصْمُتُ بَابُ الدَّارِ صَمْتًا مُحَاصِرًا،
فَيَسْتَوْلِي عَلَى الأَرْجَاءِ بَعْدَكِ العَدَمُ.
وَأَسْأَلُ ظِلًّا عَنْكِ يَأْبَى أَنْ يُجِيبَ،
فَيَرْجِعُنِي مِنْ قَعْرِ نَاحِيَتِي الظُّلَمُ.
وَيَنْحَتُ فِي صَدْرِي وُقُوعُ كَوَابِسٍ،
فَيَزْحَفُ فِي أَعْصَابِ رُوحِي السَّقَمُ.
وَيَكْتَحِلُ الأُفْقُ البَهِيمُ بِسُخْمِهِ،
فَيَعْلَقُ فِي أَهْوَاءِ نَظْرِي السُّخَامُ.
وَتَجْمَعُنِي ذِكْرَى انْكِسَارٍ مُرَّةٍ،
فَتُثْقِلُ فِي أَكْفَانِ صَمْتِي الرِّمَمُ.
وَتَتْرُكُ أَحْلَامِي حُطَامًا بَارِدًا،
فَيَنْقَضُّ مِنْ سَقْفِ الرُّجُوعِ الحُطَامُ.
وَيَنْقَطِعُ الطَّرْقُ البَعِيدُ إِلَيْكِ، لَا أَثَرٌ،
فَيَحْرُسُ أَبْوَابَ قَلْبِي السَّأَمُ.
وَأُنْصِتُ لِلذِّكْرَى كَأَنَّ صَرِيرَهَا،
مَنَاحَةُ نَاحٍ يَسْتَفِيقُ بِهِ النَّدَمُ.
وَتَنْفُخُ أَرْوَاحُ اللَّيَالِي فِي دَمِي،
فَيَخْبُو عَلَى أَطْرَافِ أَحْلَامِي الوَهْمُ.
وَتَقْتَحِمُ الرِّيحُ السَّوَادَ نَوَافِذِي،
فَتُوقِظُ فِي أَحْشَائِنَا ذَاكَ اليُتْمُ.
وَأُطْفِئُ نَفْسِي فِي زَفِيرٍ مُدْلَهِمٍّ،
فَيَحْتَطِبُ الأَيَّامَ فِي صَدْرِي الجَحِيمُ.
وَأُغْمِضُ العَيْنَيْنِ لَا سَنًى يَتَسَلَّلُ،
فَيَلْتَهِمُ الذِّهْنَ المُتَعَبَ الجُذَامُ.
وَيَعْلُو غُبَارُ الغَيْبِ حَتَّى كَأَنَّهُ،
يُغَشِّي وُجُوهَ الحَاضِرِينَ القَتَامُ.
وَيَرْسُمُ وَجْهَ الشَّوْكِ فِي كَفِّ طَرْقِنَا،
وَتُنْقِشُ فِي جِلْدِ المَسِيرِ الغَيْهَمُ.
وَيَهْرَمُ اللَّيْلُ الطَّوِيلُ عَلَى رُؤُوسِنَا،
فَلَا يَبْقَى إِلَّا ظِلُّ عُمْرٍ الهَرَمُ.
وَتَنْهَالُ أَثْقَالُ المَصَائِبِ بَغْتَةً،
فَتَمْتَلِئُ الأَوْجَاعُ حَوْلِي النِّقَمُ.
وَيَنْحَسِرُ الدِّفْءُ القَلِيلُ كَأَنَّهُ،
يُوَارِي بَقَايَا ضَوْئِنَا ذَاكَ الدَّهَمُ.
وَإِنْ هَبَّ سُمْرُ الغَيْبِ فِي عَتَمَاتِهِ،
تَتَرَصَّدُ الآمَالَ فِينَا السُّحُمُ.
وَأَخْتِمُ السِّفْرَ العَتِيمَ مُدَمَّى المَعَانِي،
فَيَشْهَدُ فِي أَعْمَاقِنَا ذَاكَ الخَتْمُ.
✍️بقلم الاديب الدكتور أحمد الموسوي
جميع الحقوق محفوظة للدكتور أحمد الموسوي
بتأريخ 10.13.2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق