أنين .. قلم
تتقاذفني الهموم .. كأنها موج بحر غاضب
تلطمني بقوة أشعر حينها بأن عظام جسدي
تتكسر .
تكاد تخنقني وتكتم أنفاسي وأكون حينها
من سكان قاع بحر
لايلفظ ضحاياه .
أنظر للسماء بنظرة من يطلب الرحمة من
رب لايرد مستغيث .
لاشاطىء في المدى المنظور.. لا قارب يمر
بالصدفة
ليكون لي أمل في الخلاص .
ماء أسود اللون وفوقي سماء ارتدت عباءة
الظلام .
ماء في كل اتجاه وسماء تكاد تلمس البحر
أنا بين كماشتين .
أنا .. الإنسان ... ؟
ذلك المخلوق الضعيف الذي لايملك غير
اللسان
في مثل هذه الظروف، أصرخ، أستغيث، أناجي، أستجير..
لا أحد
يسمع صراخي وذلك الصدى اللعين لايرتد
لي .
أفكاري مشتتة وفقدت لحظتها حسن التدبير،أستسلم للأقدار .
وتركت الأمر لجسدي ليتصرف على فطرته
إرتخت عضلاتي واستلقيت على ظهري فوق سطح الماء
وعيناي شاخصتان تنظران للسماء .
وكأني أنتظر شيئاً ما سينقذني من المجهول .
تلمع نجمة من بعيد كان لبصيصها الخافت
وقع علي كبير .
تجدد الأمل وتسارع النبض المتباطىء
وإندفعت الدماء في الشرايين الخاوية
وشعرت بالدفىء يعود للجسد المستسلم
للأقدار .
هي .. لحظة العودة من بعيد
لحظة تمزيق الأكفان
عودة الروح من عالم اللاعودة
لتعلن التحدي والإصرار على الإستمرار
لحظة .. مجنونة وردات فعلها غير محسوبة
وأنا .. في خضم كل ذلك الخوف والشعور
بالموت والتشرذم والضياع .
أخرج .. آخر أقلامي الذي يرافقني وتعلق بجيبي فوق قلبي .
أخرجه .. وأنظر له بكل حب ،شعرت بأنه
يحدثني يبتسم لي .
نظرت للبحر وإذا به يتحول لسجل كبير
وسطوره مستوية
لاتأثير لحركة الموج عليه
فكتبت .. على سطور الماء ..
ماألم بي ..
حزني وألمي وغربة روحي وأنا
بين أحبابي .
مرت بي الذكريات كشريط سينمائي في
صالة عرض مائية كبيرة .
إنطلق نهر عينيي المالح بعد كسر سد أخفاه
أخذني للراحلين، لأحبتي الذين ينتظرون عودتي بلهفة .
وتفجرت ألف قريحة لتملي على قلمي
كتبت الكثير الكثير والموج يقودني معه للمجهول .
لكن كلماتي بدأت تبعث نوراً فكانت كدرب
مرسوم .
ذلك القلم يكتب لكني سمعت له أنيناً يردد كلمات كأنها طلاسم وألغاز .
سأفني ذاتي ياصاحبي لتنجو،و سأرسم لك
طريق النجاة .
إستمر بالكتابة، ستنجو من هذا الكرب العظيم
استمريت بالتلقين ودرب الكلمات المضاءة بات طويلاً .
كانت الولادة نور فجر طال موعده مع
المخاض .
ليمزق عباءة الليل الطويل، لأجد نفسي على
شاطىء الخلاص .
أنين قلمي المبتل كان خلاصي ورسم لي
طريق الحياة .
ذلك القلم .. أخرج مكنون الأحزان لأعود
من بعيد أنساناً يعشق الحياة .
أنين .. قلم
بقلم
جاسم الشهواني