والسلطان جائر..!!
.......................
تلك هي القصة في سطور..
حتى إذا نودي:-
(أن بورك الصحب)..
طوبى لمن اصطحب في الرحل ذاكرة الأمس
البعيد..!!
بلا عود ولا أمل فطر بعد طول صيام ولا عيد..!!
قلت:-
وهل لنا في الرحل سوى البقايا؟!..!!
هل لنا سوى وجه أمس قديم شاهت تفاصيله..
وتكسرت عند حده أحلام المرايا..!!
هل لنا سوى ما خطه القدر من تشرد وتبعثر ورزايا..!!
أيها الراحلون هل لنا في ركابكم مطايا؟!..!!
والأحمال أثقلت عواتقنا..!!
وبان عنا وجه الزمان واكفهرت ملامحه..
فلما سئل فينا عن سبب..
ادعى أنه لا يأمن بوائقنا..!!
وقد أعيته الحيل حتى إذا استيأس منا تولى وعبر..!!
وأضحى لا يهتم لنبأ ولا يسأل عن خبر..!!
راح يقص على قوافل العابرين سر الليالي الغابرات..
ويقتفي الأثر..!!
متهمون زورا نحن في حضرة سلطان أعمل في الرقاب حسام الهجر..!!
واستعمل في القلوب طعان الجفاء والتغير..!!
مستخدما في وجه أعزل ما خول له قسم الولاء من حق الطاعة العمياء وأشهر..!!
قال يوما:-
عليكم بالبقاء في أرض الكلأ والنار..
لا تغادروها..
هي أرضكم لا تفارقوها..
ذبوا عنها بأرواحكم..
وافتدوها بكل رخيص وغال..
حتى أضحت فينا..
عقيدة وهوية ودينا..
ثم..
ثم عاث فينا فسادا..
لم يتق حدا..
ولم يرع إلا ولا ذمة..
كيف لا..
وقد وضعنا مقاليد أمورنا في يد لاه..
لا يعرف من دنياه سوى اللهو بدنيا غيره..
لا عليكم سادتي..
فقد وصل الأمر في منتهاه أن باعنا بلا ثمن..
لا بخسا ولا هبة..
ولاعارية تسترد يوما..
على أمل أن يمحو التاريخ من ذاكرته سمتنا والأشكال والصور..!!
ويغير النسيان حينما-يقتات ذاكرته-تفاصيل الحكايا بما تهوى نفسه وتشتهي..
وذلك البؤس الذي أورثتنا إياه السنون يعتلي الجدران عبورا من تقاسيم الوجوه إلى الدواخل ينشد وطنا ومستقرا..
عابثون إذا بحنا..!!
خائنون إذا قلنا..
هل لمن عبر باب النسئ من خارطة وجود؟!..
حتى الشهادة في عرفهم شرف محرم علينا إذا قتلنا..
أو صرعنا..
أو ذبحنا..!!
هي الحرب مباح فيها كل شئ..
أليس كل شئ مباحا في الحرب والحب؟!..!!
إذن لا يشقى من كان السبب..!!
والشقي من قال بغير قولهم..
من استفسر أو تساءل أو عجب..!!
وهل لقاتل من توبة؟!..
وهل لمرتكب الكبيرة من رجوع وأوبة؟!..
كيف لا تكون المصائر هكذا ونحن على طرفي نقيض ذئب وحمل..!!
وكيف فتك الحمل بالذئب..!!
لا عليكم سادتي إنه..
الحب..!!
إنها الحرب..!!
عقبة كئود..
أقحمتنا فيها قلوب حمقى لا تملك في الحروب ناقة ولا جمل..!!
ولا عليهم أيضا إذ أجمعوا كيدهم يوما على بئر الحرمان فألقونا فيها بدعوى أننا عصاة لا براءة لنا تقبل..!!
ولا صك غفران يمنح..
ولما مرت القوافل على جب نحن أهله..
مزقوا حبلا يصل الدلاء إلينا..
حتى إذا نجينا قالوا عبيدا عصاة خذوهم بلا مقابل..
مبارك عليكم أيها الرحل..!!
مبارك عليكم من أنزل من جنة الفردوس إلى الدرك الأسفل..!!
بلا جاه ولا نسب ولا أهل..!!
ولم يبق لنا في ديار الأمس سوى ذكريات وضعف وعلل..!!
فعلام البكاء على خراب خلفته لنا يد غدر..
وحولت عمران القصور إلى طلل..!!
واستبقنا بوابة الزمان عبورا إلى اللا زمن..!!
تنادي علينا الشواهد كلها..
غادروا ديارا كان الخذلان شيمة أهلها..
حريرها كفن..!!
حلوها عفن..!!
ماؤها آسن..!!
ونعيمها محن..!!
هل يبقى فيها لكم وطن؟!..!!
هل أتت الرياح لكم فيها بما اشتهته أنفسكم؟!..
هل أدركت أمنياتها السفن؟!..!!
حقيق بكم عنها الرحيل..
ودعوها يصحبكم الوجع والحزن..!!
وعودا عرايا كما جئتموها..
بلا كيف ولا كم ولا متى..
ولا ماذا ولا إذن..!!
غلقت عليكم الأبواب وأسدلت الستائر..
فالسلطان جائر..
والجرح غائر..
والشاهد أعمى..
والعاذل صفن..!!
آه يا زمن..
العفن..!!
عفوا رفع القلم..
والصحف من نزف لا تجف..
(نص موثق)
النص تحت مقصلة النقد
................................
بقلمي العابث..
كريم خيري العجيمي
