في ذكرى مرور سنة على زواجنا اقول لك:
*مُنَى...!
مُنَى وَلَحْنُ شجي شَدى...
وَلَيْلٌ تَهَادَى مَعَ الْبَدْرِ
وَنُورٌ بَيْنَ الْغَمَامِ سَرَى...
أُحِبُّكِ يَا أَنْتِ...
أَغَارُ عَلَيْكِ مِنْ نَسْمِ الْهَوَى
وَمِن الشمس والبدر
ومن هَبِّ رِيحِ الصَّبَا...
أغار عليك...
وَغَيْرَتِي عَلَيْكِ جَمْرٌ
وَنَارُ لَظى...
أُحِبُّكِ كَشَيْخٍ التقى
مُحِبّ مشتاق لشَدَّ الرِّحَالَ
لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ...
مِنَ الشَّوْقِ حَبَسَ الدَّمْعَ
وَذَكَرَ اللهَ لما نوى
وبسط اليدين لله
ثُمَّ دَعَا...
فَفَاضَتِ الْأَعْيُنُ
وَحَبَسَ الدَّمْعَ بَيْنَ الْجُفُونِ
وَلَمْ يَبْكِ وَلَكِنْ بَكَى...
مُشْتَاقٌ لَكِ...
كَمَا اشْتَاقَ الشَّيْخُ لِطَيْبَةَ
مَدًى وَمَدى...
وَالشَّوْقُ نَارٌ إِلَى رِيحِ طَيْبَةَ
وَالشَّوْقُ يَفِيضُ لِأُمِّ الْقُرَى
أُحِبُّكِ أَغَارُ عَلَيْكِ...
والقلب بالحب إكتوى
أحبك كَمَنْ أَقْبَلَ عَلَى الْكَعْبَةِ
وَفَاضَ الدَّمْعُ مِنْ فَرْطِ حُبٍّ
وَمِنْ نَارَةِ شَوْقٍ... حِينَ رَأَى...
فَطَافَ سَبْعًا وَهَرْوَلَ سَبْعًا
وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ وَلَبَّى
أَقَامَ الصَّلَاةَ وَكَبَّرَ
عِندَ الْآذَانِ...
وَصَلَّى حِينَ سَمِعَ النِّدَاءَ...
أُحِبُّكِ عَطْشَانَ لِشَرْبَةِ زَمْزَمَ
وَزَمْزَمَ يُرْوِي وَيَشْفِي...
وَزَمْزَمُ يُحْيِي صَرِيعَ الْهَوَى
أُحِبُّكِ مُنَى...
كَعَنْتَرٍ حين أحب البياض سمارا...
يَحْمِلُ ظُلْمًا عِندَ الْقَبِيلَةِ
سَوَادُهُ عَارًا...
أَحَبَّتْهُ عَبْلَةُ...
فَأَضْرَمَتْ فِي الْحَيِّ نَارًا
فَهَاجَ أَبُوهَا عَلَى فَرْطِ غَيْظٍ
أَيَا عَبْدَ، إِنَّكَ تَجَاوَزْتَ حَدًّا
تَطَاوَلْتَ جهَارًا.... نَهَارًا...
كَيْفَ لِلْعَبْدِ الأسود...
مَحَبَّةُ حُرَّةٍ بِنْتِ أَحْرَارَا..؟!
فَاغْتَاظَ عَنْتَرٌ...!
وَالْقَلْبُ مِنَ الْقَهْرِ اكْتَوَى...!
فَأَعْلَنَ فِي حُبِّهِ الْحَرْبَ عِنَادًا
والفارس المغوار...
يهوى ساحات الوغى...!
فَإِمَّا الْوَصْلُ بِرَغْمِ الْعَذُولِ
وَإِمَّا يَمُوتُ شَهِيدَ الْهَوَى....
أُحِبُّكِ مُنَى...
وَإِنْ أَسَرُونِي وَإِنْ قَيَّدُونِي
كَمَا أَسَرُوا عَنْتَر...
وَمَنَعُوهُ عَنْ وَصْلِ عَبْلَةَ...
وَإِنْ حَبَسُونِي فِي سَابِعِ أَرْضٍ
وَجَعَلُوا دُونَكِ بَيْدًا قِفَارًا
فِيهَا الْوُحُوشُ الضَّوَارِي
وَدُونَكِ حَرٌّ... وَدُونَكِ قَرٌّ...!
ودونك قفر الفلا...
يَزِيدُ اشْتِيَاقِي بِرَغْمِ هُمُومِي
أَفِرُّ إِلَيْكِ مُنَى...
بِرَغْمِ صِعَابٍ تَسُدُّ الْمَفَر...
أَشُدُّ الرِّحَالَ إِلَيْكِ
بِرَغْمِ هَوْلِ الطَّرِيقِ
وَمَهْمَا كَانَ فِيهَا الْخَطَر...
أُحِبُّكِ مُنَى....
يَا مُنْتَهَى نَبْضِي وَبَوْحِي
وَإِنِّي أَرَى حُبَّكِ كُلَّمَا
عَسُرَتْ عَلَيَّ كُلُّ الْأُمُور...
وَاسْتَحَالَ عَنِّي اللِّقَاء..
يَزْدَادُ فِي الْقَلْبِ قَرَارًا
وَيَزْدَادُ طَلْعُهُ وَرِقًا وَنَمَى...
أُحِبُّكِ مُنَى لَكِنَّ هَوَاكِ كَمَا...
طِفْلٍ يَتِيمٍ أَحَن...
وَأُنْسُوهُ لَهْوًا عَلَى طَيْفِ أُمٍّ
فَازْدَادَ شَوْقًا إِذَا اللَّيْلُ جَن...
وَلَمْ يُجْدِ نَفْعًا وَقَدْ لَاعَبُوهُ
وَقَدْ حَاوَلُوا أَنْسَهُ حَتَّى يَنْسَى
وَخَالُوا لِلَحْظَةٍ أَنَّهُ نَسي...
لَكِنَّهُ حِينَ اللَّعِبِ وَحِينَ اللَّهْوِ
كَانَ يَبْحَثُ عَنْهَا بَيْنَ الْوُجُوهِ
وَكَادَ مِنَ الشَّوْقِ يجنّ...
وَحِينَ افْتَقَدَهَا... تَجَهَّمَ...!
وَمَا كَادَ يَبْكِي وَلَكِنْ بَكَى...
أُحِبُّكِ مُنَى...!
-سمير بن التبريزي الحفصاوي /تونس