"مرآيا الليل"
لِلَّيْلِ سُؤْلٌ، وَفِي الصَّمْتِ حِكَمٌ،
تُجِيبُ إِذَا مَا صَافَحَتْ عَيْنُنَا النَّجْمُ.
يُرَتِّلُ سِرًّا ثُمَّ يَمْتَحِنُ الفِكَرَ،
فَيُوقِظُ فِي أَرْوَاحِنَا لُطْفَهُ الْحُلْمُ.
إِذَا لَاحَ مَعْنَى اللَّيْلِ قَامَ لِمَدْرَسٍ،
تُجَلِّيهِ لِلْمُرْتَادِ أَبْوَابُهُ الْعِلْمُ.
وَيَسْكُنُ فِي جَوْفِ الْقُلُوبِ تَرَوُّحٌ،
فَيَخْفُتُ فِي سَاحَاتِنَا غَيْظُهُ السِّلْمُ.
وَكَمْ مَرَّ لَيْلٌ مُسْدَلٌ فِي مَفَازَةٍ،
فَأَعْلَنَ أَنَّ الْعَدْلَ يَخْنُقُهُ الظُّلْمُ.
وَإِنْ ضَاقَ رِزْقٌ فَالتَّعَفُّفُ سَيِّدٌ،
وَيَسْقِي الْعِفَافَ الْمُسْتَمِيحَ لَهُ الْكَرَمُ.
يَخُطُّ لِقَلْبِي سِطْرَ صِدْقٍ مُبَجَّلٍ،
فَيَجْرِي عَلَى أَنْفَاسِيَ الْهَادِيَاتِ الْقَلَمُ.
وَإِنْ نَدَبَتِ الْأَيَّامُ عَهْدًا مُوَثَّقًا،
تَذَكَّرْ، فَعَهْدُ الْحُرِّ مَوْثِقُهُ الْقَسَمُ.
وَيَسْرِي إِلَى رُوحِي نَسِيمٌ مُهَذَّبٌ،
فَيُورِقُ فِي ظِلِّ السُّكُونِ لَنَا الْفَهْمُ.
وَيُجْلِي مَرَايَا النَّفْسِ ضَوْءٌ مُحَقَّقٌ،
فَيَذْوِي عَلَى حَافَاتِهَا سِحْرُهُ الْوَهْمُ.
وَإِنْ هَمَسَتِ الذِّكْرَى بِعَيْنٍ مُحَيَّرَةٍ،
تَذَكَّرْ: فَمَا عَادَ يُجْدِينَا النَّدَمُ.
وَفِي اللَّيْلِ لِلْأَشْجَانِ عِزْفٌ مُؤَلَّفٌ،
يُسَاجِلُهُ فِي نَفْسِنَا طَيْفُهُ النَّغَمُ.
فَإِنْ طَالَ لَيْلُ الْوَجْدِ أَشْعَلْنَا بَسْمَةً،
وَيُنْفَى عَنِ الْأَرْوَاحِ مَا يَحْتَلُّهُ السَّأَمُ.
وَفِي قَعْرِ صَمْتٍ يَسْأَلُ الْقَلْبُ عَابِرًا،
أَيَحْدُثُ بَعْدَ الصَّفْحِ أَنْ يَتْبَعَهُ الْعَدَمُ.
إِذَا اخْتَلَفَتْ أَهْوَاؤُنَا وَتَشَاكَسَتْ،
فَيَفْصِلُ بَيْنَ الصَّوْتَيْنِ رُشْدُهُ الْحُكْمُ.
وَيَرْسُمُ لَيْلِي فِي الْفَضَاءِ مَسَالِكًا،
فَيَحْمِلُنَا فِي صَمْتِهِ مَوْجُهُ الْيَمُّ.
وَفِي اللَّيْلِ تَبْدُو كُلُّ نَفْسٍ كَكَوْكَبٍ،
لَهَا حَدُّهَا الْمَجْهُولُ، يَحْدُوهَا الْجُرْمُ.
وَيَخْتِمُ تَعْلِيمَ السُّكُونِ لَنَا هُدًى،
فَيُسْدِلُ سِتْرًا ثُمَّ يَبْقَى لَنَا الْخَتْمُ.
وَيَنْتَظِمُ الْأُفُقُ الْبَعِيدُ كَأَنَّهُ،
يُسَاقُ إِلَى سِرٍّ تُدَبِّرُهُ النَّظْمُ.
وَإِنْ عَادَ صُبْحٌ بَاسِمٌ بَعْدَ لَيْلِنَا،
نُجَدِّدُ فِي أَحْلَامِنَا رُوحَهُ الْعَزْمُ.
✍️بقلم الاديب الدكتور أحمد الموسوي/العراق
جميع الحقوق محفوظة للدكتور أحمد الموسوي
بتأريخ 08.11.2025
Time:5:27pm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق