معاهدة قد نقضت..!!
...........................
على سبيل اعتناق الكتابة..
صراطا أقطعه للتخلص مما يملأ خافق أرهقه طول الصبر..
أطرق أبواب الحروف..
ثمانية وعشرين بابا..
أستطلع مواسم الخلاص الأربعة..
وأطلب فصول الراحة رغم علمي باستحالتها..
كيف لا والدار مكتوب على أبوابها(....في كبد)..
غير عابئ بشتاء من جليد وصقيع يعيث في ضلوعي يوازي برودة أطرافي من وعثاء السفر..
وخيبة المنقلب..
ولا آبه لصيف هو في أصله أقل حرارة من حرقة تسكن جوانحي من أقصى الوريد إلى أقصى الوتين..
وعلى ملة خريف يسقط الدثار ويعري الدواخل لهو أشد قسوة من الجلمود..
لا يرق لدمع يروي ظمأ الرمال التي تمد بساط الفلاة في الحنايا..
ولا لوجع يبسط سراياه في أقاصي ما ينتهي إليه النفس وهو يكشف السوءة ويعرض عورة الأعماق وجروحها..
سلعة للعابرين على رصيف الدهشة..
وكل منهم يمصمص شفتيه إشفاقا على حال يرق لها غريب لا تعرفه..
ولا يألم لها قريب هو بالأصل يسكنك أقرب للأنفاس من الأنفاس ذاتها ويتركك تعاني من غربة الذات ويبتسم..
أنقض معاهدة على الصمت..
كانت جوارحي إلتزمتها منذ سنوات..
ثم باءت كل محاولاتي بالفشل فجأة وانهارت قوتي وصمودي..
بعد أن تملكني إدمان الشكوى للورق..
وعشق الحرف الأسود..
ونزف الحبر المحمل بالألم..
مد لا يوقفه سيل الوجع..
ولا تمزق الموجوع..
ليتجاوز الفاصلة..
وينزلق نحو السطر الذي يليه..
ولولا نقطة في نهاية السطر..
لاشتكتني أبجديتي..
ورأفة بحالي من عجز وقلة حيلة..
أتشبث ببقايا لغة عجزا عن غيرها..
وخوفا من ضياع لا أجد بعده محلا للشكوى..
أكتم حينا وأبوح أحايين..
يضربني زلزال الوحدة..
أهجر ذاتي القديمة..
في حضرة الورق أراني شخصا آخر غيري..
أراني ذلك الذي يجوب تضاريس الأبجدية..
يستطلع ربى التعابير..
ينقب سفوح المعاني..
ويحضرني العجز..
حيث لاتعبر اللغة..
ولا تجود المرادفات..
أسطر بعضي بين دفتي كتاب..
ثم أعود لأقرأ..
أتلعثم في نطق الحروف المثقلة بالأنين..
لتتمزق أوصالي بين وجع في السطور يحرقها..
ويلتهم أطراف الكلمات..
وبين وجع في الأعماق..
هي النار التي لا تخبو منابعها..
والدموع التي تسكن على ظلمها الأحداق..
ترى هل كان البوح إثما ومغرمة..
أم بات الصمت يشكو اليأس والإرهاق..
على كل..
بات الوفاء ثقلا لا يحتمله كاهلي..
وبات قطع دروب البحث جيئة وذهابا عناء"من نوع آخر..
أتساءل والليل والأرصفة الفارغة..
وأريكة تنوح كلما لاح قنديل الفجر..
وسراديب الصمت ألف باب..
والغياب قد طال ولست أدري..
هل للغائب من إياب..
هل للغة أتعبها طول الشكاية التي أصلتها في عروقها أن تستريح؟!..
أم أن حلمي بات الليل على قيد التمني..
فلما انسل النور من غمد الغلس ولى..
وذهب أدراج الريح..
ولا زلت أسرج فتيل الدموع..
عفوا..
الشموع..
وكلاهما مصباح يزيح ظلمتي..
ليتبدى من خلفه طيفك..
كعيد أطل وجهه من بعد طول صيام..
فهل أذنت بوابات الغياب بلقاء..
أم ما زالت العودة على العاشقين حرام..
حطام وجه صبح أنت لست فيه..
وكذا..
كل ما عداك حطام..
فلا عليك..
وعودي..
لتستريح أبجديتي..
وأستريح..
..............
بقلمي
كريم خيري العجيمي