أينَ أنتَ وأينَ أنا
-----------------------------
حِينَ التَقَيتُكَ
لَمْ أَكُنْ أعرِفُ أنَّ لِلفِرَاقِ سَبِيلٌ بَينَنا
وأَنَّ العَصَافِيرَ سَتَرحَلُ وَيَجِفُّ فِي الَليلِ عِطرَنَا
لَمْ أكُنْ أعرِفُ أنِّي أودَعتُ قَلبِي مَهَبَ الرِيحِ وكَمَا امتلأَ
وكَمَا امتلأَ سَيفرُغُ كَأسُنا
لَمْ أكُنْ أعرِفُ ياعُمري أنَ حُريَة السُجنَاء لَن تَطول
في زَمَانٍ يَقتُل الحُبَ عَمداً ويَسكرُ بِدموعِنا
وأنَ الحُبَّ سَيعُودُ غَرِيبًا كَمَا جَاءَ وكُلَ رِياحِ الأرضِ
سَتَعصِفُ بِنَا
لَمْ أكُنْ أعرِفُ ونَحنُ عُصفُورَانِ أنَّ الأشجَارَ قَدْ اقتُلِعَت
وأنَّ السمَاءَ سَتَضِيقُ بِنَا
حَمَلنَا الحُبَّ فِي جَوَارِحِنَا شَدونَاهُ لَحنا لِكُلِ عَاشِقٍ
وقَدْ قُتِلَ عَمدًا قُتِلَ عَمدًا تَغْرِيدُنَا
عَانقتُ فِيكَ أيامَ عُمري وكُلَّ أحلامِ الصِبَا وكُلَُ الطيورِ
وكُلُّ الطيورِ التِي هَاجَرتْ قَدْ عَادت في عَهدِنا
وفَرَضنَا سطوتَنَا عَلَى الحُبِّ امتَلَكنَا أنهَارَهُ واستَقَرَّت
في نَبضَاتِنَا
وغَفَونَا غَفَونَا آمِنِين ولَمْ نَكُنْ نَعرِف أنَّ الأحلام سَتنتَحر
وكُلُّ الأيَادِي مَبسُوطَةً لِتغْتَالَنَا
أينَ أنتَ أينَ أنتَ يَاجُرحَ قَلبِي المفطورِ وأينَ أنَا؟
وأينَ الذِي كَانَ يُضِىء الَليلَ ويَكسُو النهَارَ؟
أينَ هِي ثَورَتُنَا الخَالِدَة أينَ هُوَ تَارِيخُنَا؟
قَدْ هُزِمنَا وهُزِمت أحلامُنَا فَأينَ هُو أينَ هُوَ ثَأرنَا
ألِهَذَا الحَدِّ نَحنُ ضُعفَاءُ ألِهَذَا الحَدِّ نَحنُ جُبَنَاء؟
كَيفَ غَدَوْنَا غُرَبَاء ونَحنُ أحيَاءٌ في أرضِنَا؟
كَيفَ استَسلَمنَا وبِأيدِينَا نُكِّست رَايَاتُنَا؟
مُكَبَلَةُ يَدِي لا حِيلَة لَدَي ولاَ سَبِيلا وآراكَ سَجِينا وكَيفَ
وكَيفَ الذَلِيلُ يُنقِذُ ذَلِيلا؟
نَحنُ في سَاحَةِ الدُنيَا عَرَايَا يَأكُلُنَا بَردُنَا
كَالمُستَجِيرِين بِالرَمضَاءِ مِنَ النَارِ بَنَينَا بَنَينَا فَوقَ الرِمَالِ
قُصُورَنا
وطُفنَا حَولَ حَجَرٍ في كَربِلاء وجَعَلنَا الحُبَّ نَبِيًا في الخَفَاء
بِلا مَذهَبٍ بِلا قِبلَةٍ دَعَوْنَا أنْ يُخَلَّدَ حُبُنَا
وقُمنَا الَليلَ أشَعَارًا وأورادَ النَومِ أشوَاقا نَزدَادُ حُبَّا واحتِرَاقا
والمَجهُول إلى المَجهُولِ يَشُدُنَا
الآنَ أيقَنتُ أنَنَا مُفتَرِقَان قَد أعلَنت دَفَاتِري العِصيَان
وصَارَ شِعرِي كَالهَذَيَان وامتَدَ الجُرحَ مِنَ القَدمِ إلى الشُريان
وهذهِ الصَرخةُ آخِرُ مَاتَبقّى لَنَا أينَ أنتَ وأينَ أنا
بِنِصفُ قُوتِي وبِنِصفِ ضِحكَتِي وبِنِصفِ دِفئي سَأعُودُ بَعدكَ
وأنَا لَستُ أنَا
وبِكَامِل أوجاعِي وبِكَامِلِ أحزَاني وبِكَامِلِ ارتعَاشي أغتَربُ
وقَد مَاتَ بقَلبى زَهرُ المُني أينَ أنتَ الآن وأينَ أنَا؟
أينَ أنتَ الآن وأينَ أنا؟
------------------------
حسام الدين صبرى /ديوان/حب وراه الثرى
جمهورية مصر العربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق