قصة قصير*
...............
......إلي صديقي الجميل ( أ . ف ) الذى أحبه ..وأعرف أيضاَ أنه يحبني كثيراَ ..إنه من أوحى إلى بهذه القصة
...............
كم هي قاسية تلك العواصم الكبيرة ..فوق رصيف الحياة أخطو أتلفت حولي فى هذه المدينة الكبيرة الصاخبة ..لا يعرفني أحد .. ولا أعرف فيها أحدا ً..أخطو كتائه وسط أمواج من البشر ..الجميع يتسابق هنا من أجل أن يصل ...أمضي مسرعا ً كأنى لص خائف أو كأني أتلقى الصفعات من خلفي ..وسؤال يحيرنى ..لماذا جئت إلي هنا ..؟ ...لم يعلمونى هؤلاء العباقرة اللذين قرأت لهم الحيطة والحذر ..كل ما تعلمته منهم الحب والعطاء الأنسانى والمثالية المفرطة
أصطادتني بغي فى مكان هادىء ..كأنها عرفت بخبرتها إنني غريب تائه
أغرتنى كأنها عرفت أننى جائع بلا مأوى
فذهبت معها ..!!
صعدنا سلما ً وفتحت الباب ..
شقة هادئة منظمة أضوائها خافتة ...
أدخلتني الى حجرة الصالون ..
أحضرت لي عصيرا ً ..وقالت دقائق وأكون جاهزة
أخذت رشفة من العصير وأنا فى حيرة من أمري
خائف أن يكون هناك فخا ً نصب لطائر غريب ..
بدأ على الأرتباك الشديد ..
أنتبهت من شرودى على صوت شاب
أزيك ياعمو ..!!
قمت صافحته بحرارة كأني وجدت أنيسا لي
قال بصوت رقيق ..
أمي فى إنتظارك
نعم..!!
أمي فى أنتظارك ..!
صعقت كأن الأرض تدور بي
عمو ..ماذا بك يا عمو ..؟
أخرجت حافطتي من جيب سترتى بصعوبة ....وأخرجت نصف ما فيها ...وضعته على الطاولة
وأنا أفر من أمامه
هبطت السلم مسرعا ً وأنا أستند إلي الحائط كأني أغوص فى بئر سحيق لا قرار له ..
على الرصيف تنفست الصعداء
أخطو
أخاطب الحياة وأسألها
ماذا فعلت لك ..؟
لماذا تصفعينني هكذا ؟
على محطة الاتوبيس سألت رجلا عجوزاَ
كيف أصل الى محطة رمسيس ؟
قال أركب أتوبيس رقم ( ... )
فى الأتوبيس ..صاح الكومسرى ..حافظة من هذه ..!!
ألتفت اليه .. كما فعل كل الركاب ..كانت حافظتي.. نسيت ووضعتها فى جيب المعطف ..فسرقتى اللص
أعطاها لي فوجدت باقي ما أملك قد سرق ..
لم يسألني الكومسرى عن ثمن التذكرة ..
فى القطار المتجة ألي مسقط رأسىي..أخطو حزينا مرهقا ً..يكاد أن يغمى علىّ من شدة الجوع
وجدت مكانا ً فارغا ًفجلست به ..
بعد قليل جاء رجلا ً متأنقا يحمل بيدة حقيبة جلس بجواري أخرج جريدته وأخذ يتصفح فيها .وأنا من شدة الأعياء
شعرت بالبرودة تسري فى أوصالي ..أغلقت المعطف بعد قليل غفوت
صحوت على جلبة ..
ربما مر قطار أو حدثت مشادة ..
لا أعلم أين وصل القطار
الكومسرى أمامي الأن...
همست بأذن الرجل المتأنق لا يوجد معي إي أموال ..سرقني لص ..أدفع لي ثمن التذكرة أرجوك!!
فهب من مكانه واقفا ً ورجع الى الخلف بعيدا ًعني ..
لا حظ الكومسرى وأنا اهمس الي جاري ..كأنه سمعني .وكذلك إرتباكي الشديد حينما سألني ..
أين تذهب .؟
تلعسمت قليلا ً وأنا كأنى غريق أخرجوه من الماء ..
أين تريد أن تذهب .
.سيدي ليس لدى أموال لقد سرقت
قلت ( .......)
فأعطاني التذكرة وقبل أن يمضي
صاح على أحد الباعة فى آخر العربة ..هات فطيرة وبيضتان وكوب شاى هنا على حسابي ..
لم أرد من شدة الخجل ..
جاء البائع أعطاني ما أمره به الكومسرى وذهب ..
أتناول طعامي الأول فى هذا اليوم العصيب بنهم بالغ وخجل كبير
شربت الشاى أحسست بالدفء يسرى فى أوصالي
أنا فى منتصف المسافة الأن ...
قليلا ً وجاء رجلا ًوقورا ًجلس بجانبي ...أخرج مبلغا كبيراَ من جيبه
وأنا أنظر إليه فى ريبة
قال..!
خذ هذا المبلغ ..ومضى
بتردد أخذته
ياالله .......أنه نفس المبلغ الذى كان في حافظتي قبل أن تصطادنى البغي..!!
لمحت الرجل الوقور فى نهاية العربة
صحت سيدي..ياسيدى ..أعطني أسمك وعنوانك كي أرد لك جميل كرمك
فأبتسم ضاحكا وقال
فاعل خير
.......................
بقلم //جمعه عبد المنعم يونس //
مصر العربية
31 يناير 2016