قصة
العاهرة و الجاسوس
بعد أن وجدت نفسه غارق بمستنقع الخسة و الرذيلة ؟
قرر أن يجند ضعاف النفوس لعمل معه ضد بلده . و ذلك من خلال إغرائهم بالمال . كانت تلك المهمة صعبة للغاية . لأنه لا يضمن ردة فعل المقابل إن لم يكن من النوع الذي يبحث عنه . خيانة الوطن ليست بالأمر السهل ابداً . لذلك كان عمله بطيء جداً . وضع خطة للبحث عن تلك النماذج التي تشبهه . و أول ما فكر فيه هي الطبقة الفقيرة ليتمكن جذبهم بواسطة المال النجس. فكر برواد الملاهي الليلية و الخمارات في المناطق الشعبية . بعد إن اقتنع بفكرته بدأ بالتنفيذ مباشرةً . قصد أحد الملاهي الليلية الذي يفتقر لاي نجمة سياحية . هو قديم الطراز و رواده من الطبقة المتوسطة . كان البناء قديم و الأثاث متهالك .نظر للمكان بعين كلها خبث . تردد عليه عدة مرات ، بدأ بإغداق الأموال على القائمين عليه . الكل يتودد لذلك الغريب . بات حديث الجميع . وقع الاختيار على أجمل بائعة هوى موجودة . و لذلك الاختياري لم يأتي من فراغ . بل عن دراسة و تخطيط .لأنها الأجمل والأذكى وعلاقتها الحميمة بضابط مركز الشرطة في تلك المنطقة . استغل الخائن الفرصة ليقترب منها . عن طريق صديقتها المقربة . بعد أن أعطاها مبلغاً كبير من المال . و الصاحب ساحب ، تمكنت تلك الصديقة من ان تعرفه عليها . بعد ان جلسا معاً . اشترطت عليه بأن لايقترب منها بحظور صديقها الضابط . وافق الجاسوس على شرطها و التزم به . خلال أربعة أشهر تمكن من تجنيد ثلاثة رجال من ضعاف النفوس بعد ان أغراهم بالمال ، لكنه لم يفاتح بعد بائعة الهوى بهذا الأمر بسبب علاقتها بذلك الضابط . إحتاج لوقت طويل لتشعر معه بالأمان . بعد فترة بدأ الجاسوس بجمع المعلومات بمساعدة من جندهم للعمل معه . حان الوقت ليفاتح بائعة الهوى بالامر . بالفعل فاتحها بالموضوع و ركز على تجنيد صديقها الضابط . و وعدها بالكثير ليغريها . لم ترد بل إكتفت بالنظر إليه . بعد طول تفكير قالت له انا موافقة . سر كثيراً لسماع ذلك . قال لها موافقتك ستكون نقطة تحول كبيرة نحو الأفضل . إجتمعوا عدة مرات في بيت الجاسوس . تعرفت بائعة الهوى على كل أفراد الخلية . بعد مضي شهر من العمل التجسسي . تم تحديد موعد ليجتمعوا و يعرضوا كل ما تمكنوا من جمعه من معلومات لينقلها سيدهم للجهة التي جندته . و بالموعد المحدد ؟داهم رجال الأمن المكان ليقبضوا عليهم . و من ضمن القوة التي داهمتهم كان رجل الشرطة صديق بائعة الهوى . تفاجئ الجاسوس بوجوده . و امام الجميع شكرها وأثنى عليها رئيسه المباشر .
هنا قال الجاسوس لها ؟
انت ساقطة , وإبنة ليل , و تتاجرين بجسدك . أنت خائنة بالفطرة ياعزيزتي . التي تبيع الهوى خائنة لأهلها و عشيرتها و تاريخها . إبتسمت و هزت برأسها . قالت له ؟
أنا بقمة الوفاء ؟
أنا لقيطة .. فتحت عيني على هذه الدنيا و أنا بين أحظان سيدة هذا الگار ( أي العمل ) .. أرضعتني بيع الهوى و الرقص و الغناء و معاشرة الرجال . لكنها لم ترضعني الخيانة و الغدر .. أقذر شيء في هذه الدنيا خيانة الوطن والناس . انت ذنب ، و وسيلة حقيرة ، و من جندك سيتخلا عنك بعد ان يحصلوا على مبتغاهم . بكل بساطة انت غبي و خسرت كل شيء و أهم شيء هو شرف المواطنة . من يبيع وطنه لا شرف له .
أنا ابيع جسدي .. نعم و هو عمل قذر أكيد . لكني أحب الناس و أعشق وطني . أنت اقذر مني بكثير . الوطن غالي و الأهل اعزة ، كيف لنا ان نخونه و نحن من اكل من خيراته وشرب من مائه و التحف سمائه .
قزم من نظر للوطن على انه حدود وهمية وتراب ؟
الوطن أب و أخ وأم ، تاريخ و حاضر و مستقبل و دين .
من شعر بعدم الإنتماء لوطنه خسر الكثير
بل خسر كله شيء . و على مر العصور الخونة مصيرهم مزبلة التاريخ . سيخلدون ليكون عبرة لمن يعتبر .
أنا بعت جسدي و أنت بعت كل شيء
أنت أحقر مني بكثير .
صمت و نظر لبائعة الهوى بنظرة مختلفة . لكن بعد فوات الأوان . الخونة تم القصاص منهم . و بائعة الهوى كرمت من قبل الدولة . يذكر بان بعد هذه الحادثة لم يرها أحد في ذلك الملهى الليلي و ذلك الحي الفقير . قد تكون تابت و إبتعدت لتبدأ حياة جديدة .
حياة أنظف و أكثر كرامة ، لأنها بالفعل تستحق الافضل .
تمت
الكاتب
جاسم الشهواني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق