{ تصبح على وطن }
من قهرك
ابتسم !!؟؟
من جوع عيون أطفالك
ابتسم !!؟؟
وكُل ما شئت من طيبات الحياة
من قَدَر الوهم
اخرج من بين أنقاض جدرانك
انفض عن وجهك غبار أحلامك
ورغم العذاب والقهر
ارقص على المُصاب
رقصة المُنتصر
فأنت لم تُصب
اِبتلع سيف قهرك
واجمع روحك المتبقية
من بين شتات فكرك
اِبتلع لسانك
وعضَّ على جرحك
وانتحب دون كنَّن
فأنت في وطن مسروق
معدوم وزائف
مطروح وزاحف
مقسوم بمحاصصة الطوائف
ومضروب بأفكارهم العفنة
....2
اِرقص
وارقص
فلم يأخذك للآن قدرك المتربِّص
اِسمعنا زغاريد الفرحْ
فلم تمسُّك شظية ذئبية عاوية
ولم تبتلع قدميك نار الهاوية
ولم يفتح في جسدك جرحًا
يأخذك إلى باب المدفن
... 3
يا وجعي الناخر
لملم بقاياك ليوم آخر
إلى الآن لم يرحل
ويسافر قطار العمر ويدور
ولم تُصبح حكاية
من وطنٍ مقهور
تتناقلها أفواه الخيم الشاردة
بين رمال القهر
وكثبان أنين الأحزان
فإن الموت أصبح له بدعة وفنون
وقصص عن ( كان )
فاحمد الله للآن
لم تدخل نفق الماضي
حيث يحل السكون
ويخرس الصوت
ويصبح أسمك
في احدى روايات الموت
من الأسماء المشرَّدة
المسحوقة المُهادِنة
...4
نادِ جنونك
ليعود ولو قليلاً إليك
اِجعله يسكن رشدك
فهناك يوم آخر
وموعد آخر
وجنون آخر
ينتظرون خطوات قدرك
خلف ظلال دروبك المُرتعبة
يا أنا
يا من على نصرة وطنه لم يتهاون
يا أيها المتغير الدهري المنكسر
لا تبكِ على إيمانك بوطنك
ولا على أحلامك المهدَّمة
المتدحرجة المتلاحقة
المطوَّقة بالفتك القهري المستشري
بحبال الموت
المنسوج كبيت العنكبوت
على وجه شموس أحلامك الغائبة
فقبلك قد انهكت مخالب الطاغوت
قلب مدينتك بيروت
فأصاب وجهها المشرق
عصف النار الحاقد
فتآكل واحترق
وإن جميع دفاتر أحلامنا
أصبحت بقايا رماد من ورق
صليت نارها بيد حاقد أرعن
...5
يا أيها الإنسان
لا تحزن على بناء ونوافذ وجدران
ولا على ما كان
ابكِ على بقايا خلجات أوطان
يا أيها الصابر المسكين المنكشف
واااااااا أسفاه
إن ثوب زهرة الشرق المهفهف
قد قدَّ من الخلف
بأيدي الطامعين
كقميص يوسف
وبين الشد والجذب
ومحاربة الطواحين
تناثرت دعوات أم الشرائع
بين غياهب السماوات
وأصبحت أنفاسها دخان وغبار
يعتريها برد الممات
يسكن شواهدها نعيق الغربان
بعد أن خرج من جوفها شياطين
ووحوش لها أنياب من نار
تعشعش في عيونها عناكب الموت
تقتحم بيوت الآمنين
تدنِّس بيوت الله
تسرق الصلبان وتهدم المآذن
...6
يا ابن وطني المصاب
لما لم نعد نسمع
أهازيج التراب
في يوم عرس الأرض
المخضبة بالريحان
هل مشى الوطن
على طريق الجلجله
وفي متاهتنا المظلمة
صلبناه على سنان الحراب
وبدل القُبل
زرعنا مسامير حقدنا
على جسده الصارخ المتهلهل المنتحب
قل لي بربك
كيف تكون أرضنا مباركة عصماء !!؟؟
هل ينبت الخلاص من أرضٍ
طينها شربت من دماء الأنبياء!!؟؟
أم جفَّت ينابيع الإيمان
في نهدات أرواحنا المُتعبة
وسكن في خلجانها البلاء
فتسللت ثعابين الظلام السوداء
من جحرها الغائر
لجرحنا العاثر
لعقت ... ولعقت قلب الوطن
حتى انتشت من دمه المتناثر
فارتعبت وأرتجفت الحناجر
على وطنها المغتصب المتآكل المرتهن
...7
كل شَيْءٍ في بلاد الحالمين يسافر
لم يبقى سوى لون الدماء
وجرحنا الغائر
حمائمه البيضاء
إلى غياهب المجهول تهاجر
لون الورد
من عصف الإنفجار
خار
وارتجف وتغير
نزح لونه الأحمر
واختبأت متخفية
أوراق العمر الباقية
نادت الريح ليأخذها ويغادر
رفات أسلافنا في مهدها تكابر
جميع بنيان مدينتنا
أصبحت شواهد مقابر
كل شَيْءٍ يسافر
حتى العطاء
ولم يبقى إلا العفن
وكم ذراع من ثوب قطن ٍ للكفن
...8
اِرحل الآن
يا أنا
أكمل بعيدًا
نسج خيوط أحلامك
فلم يعد الوطن لنا
اركب قاربك
وإن لم يؤتمن
وابحر مع أحلامك
واضرب بمجاذيفك
أمواج قدرك العاتية وعُب
فنحن شعب أضناه التعب
أصبحنا طيور تؤوب
تُحصي أسرابها على الورق
ومن بقي على قيد الحياة
ومن فارق
ومن ابتعد
ومن دنا
...9
ارحل وخذ بهذه الكلمات
فنحن من ركبنا بحور
الموت سابقا
وانجرفنا نحو
دوامة الطلاسم والألغاز
وعشقنا الغرق
وطوابير السفارات
وسيمفونية إيقاع
صوت الختم على الجواز
وبسمة الأمل الحالمة
عند سماع كلمة مجاز
واحترفنا التجوال والتشرد
على قوارع الطرقات
وبين نقاط الحدود
حتى حفت أقدامنا
وجفَّ بئر الحلق
يرافق حزننا صدى
نواح أرزتنا المنهكة
على ما يحصل لنا
فدونها تلحفنا السماء غطاء
وغفى داخل أجسادنا
نار الغضب المُستكن
...10
حلمنا برهجة ماء
كفكفنا بكاء السماء
وشربنا من دمعها إن هطل
قطرة بعد قطره
وأغتسلنا بماء مُدنَّس
كي لا نتعرى
قتلنا جوعنا
فأكلنا لحاء الشجر
مجبولا باليأس
فنم داخل مركب
حلم مدينتك الفاضله
دون همس
وارمِ بوصلة أحزانك
واتجه نحو نور الشمس
وغادر وأنسى الأمس
لأقول لك
وأنت بعيد
تُصبح من جديد
يا ابن شهيد الوطن
على وطن
•علاء الغريب / كاتب صحفي
