الأحد، 26 أكتوبر 2025

قصيدة تحت عنوان{{إلى نفسي}} بقلم الشاعر العراقي القدير الأستاذ{{عباس كاطع حسون}}


إلى نفسي
ألا مَنْ  يشتريكِ  مِنَ  الذنوبِ
ويمسحُ  عارضيكِ  مِنَ العيوبِ

فقد   أسرفتِ  في  ظلمٍ  كثيرٍ
متی  إنْ   كُنتِ  نادمةً  تؤوبي

أتى   الامرُ  الذي  لا  بُدَّ   منهُ
يلوحُ مع  الشروقِ  وفي الغروبِ

أتى  الانذارُ   منتفضاً   ولاحتْ
 أماراتٌ   مِنَ  الخطبِ  العجيبِ

أتى  الامرُ   الذي  تخشينَ  مِنْهُ
كفاكِ    تسكُّعاً    بينَ   الدروبِ

أتى   الانذارُ  نحوكِ   مِنْ  بعيدٍ
وبعدَ   غَدٍ   سيأتي  مِنْ  قريبِ

لقدْ   تابَ   الذينَ  عتوْ  وعاثوا
فساداً  في  الحِمى فمتى تتوبي

ذنوبكِ   قد  ملأتِ  الارضَ مِنْها
فكفِّي   عَنْ    مزاولةِ   الذنوبِ

كفاك   الجري   فالدنيا   سراب
فبئس   الماء   من  ماء  كذوب

كفاكِ    الجريَ   فالدنيا   سرابٌ
فليسَ   هناكَ   منْ  ماءٍ سكوبِ

لفد   أجهدتِِني   وسرقتِ  عُمْري
للا    شيءٍ    وأَبديْتِ   عُيوبي

فإنِّي   لنْ  أُطيعَكِ   بعدَ  يَوْمي 
فَعودي  منْ  ضَلالكِ  واسْتجيبي

لِقد    اتعبتِني   فأَضَعتُ   دَرْبي 
فلمْ   أَعْلَمْ   شِمالی  منْ جنوبي

بقلمي
عباس كاطع حسون /العراق

 

نص نثري تحت عنوان {{صمت الوعي الأخير}} بقلم الكاتب الجزائري القدير الأستاذ{{زيان معيلبي}}


_صمت الوعي الأخير 

أهاجر في ليلٍ لا ينام
تتدلّى من أفقه خيوطُ 
السؤال
وأحملُ روحي على 
كتف التيه
أبحثُ عن ظلّي في 
ممرّات المعنى
عن ملامحي في 
وجوه الغياب....! 
كلُّ شيءٍ من حولي 
يلوّحُ بالانتماء
وحدي عالقٌ بين شهوة 
الوصول
وخوف الرحيل
أرتقُ من غروبٍ قديمٍ 
وطنًا
ومن رماد الصدق 
ملامحَ هوية
فيوشوشني الزيفُ بلسانِ 
النصر
ويُلبسني هالةَ الكِبر
حتى أصدق أني حيٌّ 
خارج قلبي...! 
ثم يأتيني نداءٌ من أعماقٍ 
لا اسمَ لها:
أيّها الغريب في وجهك
كم وطنًا ستخترع 
لتختبئ من نفسك؟
فأخلعُ مجدي... 
وأكسرُ صمتي
وألعنُ الكراسي التي 
جعلتني إلهًا صغيرًا
ثم أعود إليك...
عارياً من كلّ زهو
محمولًا على أكتاف الوجع
كمن وجد وطنه أخيرًا...
في قلب الخسارة.

_زيان معيلبي (أبو أيوب الزياني) 

قصيدة تحت عنوان{{أعطني الرباب وغني}} بقلم الشاعر الفلسطيني القدير الأستاذ{{محمد رشدي روبي}}


     *أعطني الرباب وغني*
أعطني الرباب وغني
           فالغنى خير الأنين
          وعلى العروبة إبكي
         أين أنت يا فلسطين

         إعطني الرباب وغني
         من ملح المدامع زدني
        من جبال الصبر زدني
        إقترب أنهض وقل لي
          متى النصر المبين

        إعزف الرباب هزيلا
         فالغني خير الكلام
       وصدى الأوتار يحكي
         قصتي فوق الركام
         وأنين الفجر يبكي
         لا يُرَتِّقها الخيام

       يا ضجيج الصمت زدني
           حكمة بين الصور
           طفلة غنت حنينا
           يعتلي مجد الهمم
           وهذا الطفل يَنعي
            أمه وموت أبيه
         وذاك الشيخ يشكو
           حقله قد أحرقوه
            بيته قد دمروه
           وبئره قد جففوه

          يا أزيز الموت مهلا
         يا صليل السيف هونا
        يا رباب صيحي حزينة
          بين انقاض المدينة
         إحملي فأسا ومنجل
         إحملي لهب القصيدة
         مزقي ورق الجريدة
         إنهضي فرسا اصيلة
         حلقي فوق الظلام

        واتركي الزيتون يكبر
      إرضعيه من فجر الغمام
         إشعلي قنديل زيتك
         في متاهات الظلام
         واحملي غصنا قويا
         إسندي ميل الزمان

بقلمي/محمد رشدي روبي
غزة..فلسطين

 

قصيدة تحت عنوان{{حبك قصيدة}} بقلم الشاعر اللبناني القدير الأستاذ{{خليل شحادة}}


حبك قصيدة
أرجحيني يا حبال أرجوحة عمر
من سقطات كبوة فارس الزمن
يا صرصر ريح كرّ وفرّ أتراح 
وجع سرمديّ فراق ألم الحَزَن
قرأتني كلمات من شفاه قلب 
لأكتبك بروح شِعري دمع الشجن

يا حباً رست جدائل العشق مرساه 
حَط ضفائره على مرفأ قدر رماه
عانقَ دمعُه الشوق لهاث أنفاسنا 
وغنّت طيور الحبّ لقياي ولقياه

شُدّني إليك بأضلع الروح شدّني 
لنسابق بوح زفرات آهات العتبِ
اِسقِني من عينيك كأس أحلامك 
لأكتب حبّك قصيدة بمداد ورد حبّي

بقلمي : خليل شحادة لبنان

 

قصيدة تحت عنوان{{في ظلام الليل}} بقلم الشاعر المصري القدير الأستاذ{{محمد رشاد محمود}}


 (في ظلام الليل) - (محمد رشاد محمود)

في مَطلع شتاء عام 1980- بعد عراك مع مُثبِّطاتٍ حالت دون ولوجي باريس بالقطار الدولي الذي كان موجودًا بالعراق وقتَهـــا ، لم يكن أقلها اعتقالي نكايةً بمن يخالف توَجُّهات السلطات حيال السياسة الدولية - ألقت بي الأقدار إلى غُرفَةٍ في مأدبـــا بالأردن ، لا تمنعُ بردًا ولا تَصُدُّ هواءً ، إذا فتَحتَ بابهـا استَقبَلَك فضاءٌ أجرَدُ من الأرض يُفسِحُ للصِّرِّ في ليالي الشتاء مهبَّاتِ صَولَتِه ، وينتهى بهضبَةٍ تأخذ بخناق الأفق في مرأى العينِ ، إلا أنْ يُطِلّ 
من ورائها بدرٌ شاحبٌ يُعينُ على النَّفسِ أتراحَها ، فإذا تقدَّمَ الشتاءُ نثرَ على الأرض الشَّبَمَ مُجَسدا في رشاشِ الثلوج ، ورزوحًا تَحتَ هذه الحال مع 
ما في النفسِ من مَوجدة كانت هذه العبرات :
في ظـــلامِ اللَّيـْـــــلِ يَنهَـــــلُّ المَطَـرْ
تَنــــعـقُ البــُــــومُ ويَـصفَـرُّ الـقَـــمَــرْ
ويَئِــــزُّ الــرَّعْــــدُ في جَـوفِ الـفَـضَـا
لاجِمًـــــا بالـــرِّيـحِ أعطـــافَ الشَّجَـرْ
هَـــــكَذا حالـي وذا قلــــبي الكئيــبْ
لا أرَى في غُـربَتي لــي مِنْ حبيــــبْ
مَوطِنــــي نــَـــــــاءٍ وأهــلي وهَــوًى
كانَ فيـــهِ العُمـْــرَ لي طِبٌّ وطِيــــبْ
غاضَ ِمِنــــهُ الخَفضُ والبِشرُ مَعــــــا
كَيــْــــفَ لا يَغلي ويَكـوي الأضْلُعَـــــا
كُلَّــــــما جَرَّعـتُـــهُ كأسَ الـــرِّضَــــــا
غصَّ حتَّى كَـــــــادَ أنْ يَنـصَدِعَـــــــا
مُوحشٌ كالقَـبـــــــرِ لا نَجـوَى بِــــــهِ 
أو كَلَيــــــــلٍ فارَقَتُـــــــــهُ الأنـجُـــمُ
وفَــلاةٍ غَـــــــابَ عنْهـــــا عُشبُهَــــــا
وتَـلافـــاهَــــــــا الغُـــرابُ الأسْـحَــمُ
يَــطلُــبُ السَّــرَّاءَ والعَـيـشَ الهَــــنِيّ
كَيــْـــفَ يَجني الــــرَّوْمَ والّضَّرَّاءُ فِيّ 
تَمْـسَُـخُ الأنغَــــامَ نَــوحًـــــا وشَجًـى
وتـــرَى الأشواكَ في الــرَّوضِ النَّـدي 
صُمَّتِ الحَوبَـــــاءُ يــــا طَيْــــرُ فَـــلا
تَسكُبِ الألحـــانَ لا يُـــجـدي الطَّرَبْ
واستــطالَ الكَـربُ لا تُفضي شَـــذًى
للـــرُّبــا يـــا زَهـرُ واهْـــوي لِلـحَطَبْ 
كُــــلُّ ما كانَتْ تَشَـهَّـــــــاهُ الـمُنَــــى
شَوّهَـــــتْهُ اليَـــــومَ كَـــــفُّ المِحَـــنِ
إنْ غَفَـتْ بالصَّبـــْرِ جَمـراتُ الـجَــوَى
أيــقَــــظَ الجَمــْــراتِ كَـــــرُّ الــــزَّمَنِ
ضِقْـــــتُ بالشِّقْوَةِ والجُلَّــــى يَــــــدا
لَـيـــتَ شِعْــري مــــا تُرَى بَعدَ الـرّدَى
مِثْلُـهَــــــــــأ أم غِبــــطَةٌ تَغْتَـــالُــــهـا
لَـهْـفَ نَفْـسـي لـَـــو تُلَقَّاهـــــــا غَـــدَا
(محمد رشاد محمود)

نص نثري تحت عنوان{{حديقة العطش}} بقلم الكاتب التونسي القدير الأستاذ{{محمد الصغير الجلالي}}


حديقة العطش
✍️ محمد الصغير الجلالي

هل يورقُ القلبُ
بعد أمطارِ الخريف؟
وهل تُنبتُ الجراحُ
إذا بلّلها المساءُ
بشيءٍ من حنين
ومرّت فوقَ ندوبِها
ريحُ الرحيل؟

أنا لا أعلم…
لكنّي رأيتُ العاشقين يعودون
من المنافي،
مثقلين بما تبقّى
من رمادِ الأغنيات،
ورأيتُهم
يبنون من وجعِ الوداع خيامَهم،
ويعلّقون على النوافذ
خيطَ شمس
وما تبقّى من دموع
كي يطولَ العمرُ فيهم،
لا ليحيا…
بل ليحتملَ كل الفصول.

قد يورقُ القلبُ
إن سكنتْهُ امرأة
تعرف كيف تلمس الجراح
كما يمرُّ الضوء
فوق جبينِ طفلٍ نائم،
وكيف تكتبُ بالسكوت
قصيدةً
لا يسمعُها سواك.

وقد يورقُ القلبُ
إن بكى…
فالدمعُ أوّلُ موسمٍ للرّوح،
كي تنمو،
وأوّلُ اعترافٍ
بأننا بشرٌ
نخطئُ
ثم نكبرُ بالندم.

قد يورقُ القلبُ
إن مشى نحو الحقيقة،
ولو كان الطريقُ
مبلّلًا بالأحلام المكسورة…
فلا شيء يهدي التائهين
سوى إشاراتٍ صغيرة
اسمُها اليقين.

قد يورقُ القلبُ
حين يعثر في الخراب
على زهرةٍ وحيدة،
كبرتْ بجرأةٍ بين الصخور،
لا تسأل الريحَ عن سرّها،
ولا السماءَ عن المطر،
يكفيها أنها
منحت الظلام
احتمالًا للحياة.

لكن…
ليس كلُّ قلبٍ يورقُ
إن هطلت عليه الذكريات،
فهناك قلوبٌ
تشبه الأوطان البعيدة:
تمطرُ…
ولا تُنبتُ غير الحنين.

قلوبٌ
تخاف الضوء،
وتحيا في الظِّلال،
تعرف كيف تعطي،
ولا تعرف
كيف تأخذ من الحياة
غير الألم.

وقلوبٌ تمضي بصمتٍ،
لا تشتكي،
لا تنادي،
تضعُ وجعَها تحت معطفها
وتكمل الطريق…

نعم…
قد يورق القلبُ،
لكن بعضَ القلوب
لا تبحث عن ربيعٍ آخر،
هي فقط
تحاول أن تنجو
من ذاكرةِ الخريف.

 تونس ، 26 - 10 -  2025

 

خاطرة تحت عنوان{{إنتظار شوقي}} بقلم الشاعرة الأردنية القديرة الأستاذة{{فاطمه النجار}}


إنتظار شوقي اليك على شاطئ بحورك أغرقني
وأخذ مني الفرح كأوراق الخريف 
عندما تتساقط من الأشجار 
على حافة الطرقات 
اصبحت كطائر اسير
عندما وقعت في اشباك بحورك
نبضات قلبي نار لن تطفئها
مياه شلالاتك قد حرقت الزمن الجميل ارحم فؤادي ياملاكي
كفاك هجرك اضناني 

بقلم فاطمه النجار 

قصيدة تحت عنوان{{حيف الزمان}} بقلم الشاعر التونسي القدير الأستاذ{{جلال الحامدي}}


الشاعر جلال الحامدي من تونس 

حيف الزمان

ماذا اذا ما بدا لي الزمان بوجهه.. ؟
أو تركني مابين كيف ومتى. ؟
لكنت غزاةً بين الشتاء وصيفه
أو صرت شيخا قبل أن أصير فتى 
الحب على مر السنين كطيفه
إذا مر بجدار قلب... أوعليه قد نحتَ
جرحا أو سِمَاتٍ...أو جارَ بحيفه
فانظر الى عَيْنَيْ الفؤاد كم بَكَتَا
أو إذا قطع الغرام قلبا بسيفه
        وكم من روحين...
     بعد القطع قد جثتا. ؟
على الرُّكَبِ...عمرا كاملا ونيفه
وكم على حزنها الارواح قد بدتا.؟
كم من غريب يحتمي بضيفه.؟
وكم من صوت الحب قد خفت.؟
اااه...لو كان العمر يُحْصَى بكَيْفِهِ.
لأضفت للعمر ألفا أو زدته ماءتا.
لكن الايام اذا أَمَرَتْ قلبا بحتفه
لم يعش دهرا ولا شهرا ولا سنتَا.
هكذا الدنيا... يعيش القلب 
      بين الرجاء وخوفه. 
          مارأيت قَطًّا... 

روحين بعد الحب قد نَجَتَا 

خاطرة تحت عنوان {{أرنو}} بقلم الشاعر العراقي القدير الأستاذ{{فيصل عبد منصور المسعودي}}


أرنو

-----

أرنو لعينيك حبيبتي

آرى بها شغفاً

تتمنين الوصال

نعم كما شئت

فقد آن الآوان

لا حبيبي

لا تقولني ما لا يقال

لا تصدق

كل ما ترنو أليه

جني ثمار الحب

التي تقصدها

القبل والأحضان

وما بعدها

عفى عليها الزمن

بئس القول حبيبتي

هل آلت الأمور

الى هذا المآل

ما الذي أستجد

هل أصبحت في خبر كان

قد ولى زماني

أصبح لغيري هذا الزمان

بقلمي

فيصل عبد منصور المسعودي 

قصة تحت عنوان {{نرجس والنرجسية}} بقلم الكاتب القاصّ التونسي القدير الأستاذ{{ماهر اللطيف}}


نرجس والنرجسية

بقلم: ماهر اللطيف 🇹🇳 

اشتقت إليك حتى كرهتك! (قهقه عاليًا) دمرتِ حياتي وزعزعتِ كياني! (ضحكت باستهزاء) صرتِ كابوسًا يطاردني في كل حين!

(مقاطعة بصوتها الحنون ونبرتها العذبة) لا تقل هذا يا خالد... لا شيء يستحق كل هذا الألم.

(مقاطعًا بعصبية واستنكار) خالد؟! أتهزئين بي؟ (ضاحكًا بصوتٍ عالٍ) لماذا تفعلين بي هذا؟ هل قصّرتُ معك؟ ألم أكن صادقًا، مخلصًا، وفيًّا؟ أغدقتُ عليك المال والعاطفة؟

(بكل ثقةٍ وهدوء) أنصت جيّدًا... لم أفعل شيئًا، كلّ ما في الأمر أني اخترتُ الانسحاب، الاختفاء قليلًا لعلّك تراجع نفسك، تنقدها وتُصلحها. لكن يبدو أنك ما زلت على حالك... للأسف.

قطعت المكالمة مباشرة، وحظرت رقمه في الحال، وكذلك حساباته على كل المنصّات.

أغلقت الأبواب في وجهه دون تردّد، وهي تقول في أعماقها:
"الآن يمكنني التصالح مع نفسي بعد أن قمت بما يجب القيام به. منحته فرصًا لا تُحصى، أهدرها جميعًا ببلادةٍ وغرور. أحبه، نعم، لكن لا أستطيع أن أبني مستقبلي على رمالٍ من الشكّ والتملّك."

أما هو، فبقي مصعوقًا، جامدًا في مكانه لا يصدق ما حدث.
يحاول الاتصال بها من هنا وهناك دون جدوى، يهذي، يتصبب عرقًا، يخفق قلبه بقوة، يرتعش جسده، يجد صعوبة في التنفس وابتلاع ريقه...

وفجأة، استعاد صوتها القديم في مقهى المدينة العتيقة، منذ ما يزيد عن شهرين، على أنغام أم كلثوم: «حبّ إيه اللي إنت جاي تقول عليه».
كانا يومها يجلسان في زاوية شبه معزولة، تحيط بهما روائح القهوة القديمة، وأحاديث العشّاق المتناثرة في الفضاء.
تذكّر كيف تغيّر وجهها فجأة، وكيف احتدّ الكلام دون مقدّمات بعد أن كان يفيض حنانًا وودًّا.

قالت له حينها بنبرة مثقلة بالوجع:
"لقد اختنقت يا خالد... تصرّفاتك، أقوالك، أفعالك، شكوكك، ظنونك، تجسّسك المتواصل... كلّها أرهقتني وأمرضتني حتى لم أعد أحتمل. كرهت حبّك، سئمت قربك، أوجعني قلبك وعقلك، حاصرني نفسك. ما تفعله ليس حبًّا، بل تملّك، أنانية، رغبة في السيطرة. أنا لست شيئًا يُقتنى ولا وطنًا يُستعمر!"
ثم نهضت وغادرت المكان، تاركةً وراءها فنجان قهوتها نصف ممتلئ، ورائحة من الكبرياء لا تزول.

ومنذ ذلك اليوم، ظلّ خالد يبرّر كل شيء لنفسه: أنه يحبّها أكثر من اللازم، وأنها لا تفهمه، وأنها تبالغ... حتى جاء الاتصال الأخير، ليضع حدًّا نهائيًا لكل أوهامه.

جلس على سريره مأخوذًا بالذهول، يهمس لنفسه:
"هل كرهتني فعلًا؟ هل بدّلتني بآخر؟ هل كانت تتسلّى بي؟ أم أني أنا من خنقها بحبٍّ أعمى؟ أربع سنوات وأنا أقدّم قلبي بين يديها... فهل أضاعته هباءً؟"

لكنه لم يسأل السؤال الأهمّ:
هل كان يحبّ نرجس حقًا، أم كان يحبّ ذاته من خلالها؟
هل كانت مرآته التي يرى فيها مجده الذكوريّ وجرحه القديم؟
هل كانت "نرجس" ضحية قلبٍ لم يعرف من الحب إلا ما يُشبع غروره؟

لم يكن خالد يدرك أنّه كان يطارد ظلّه، لا محبوبته، وأنّ ما أسماه حبًّا لم يكن سوى نرجسية متقنّة في ثوب العشق.
لقد خنق الزهرة وهو يظنّ أنه يسقيها.

وفي لحظة وعيٍ خاطفة، نظر إلى شاشة هاتفه المطفأة، فرأى وجهه ينعكس عليها كمرآةٍ سوداء، وقال في صمتٍ متهدّج:

"كانت نرجس... وكانت نرجسيّتي." 

قصيدة تحت عنوان{{يمامة 'العيثة}} بقلم الشاعر التونسي القدير الأستاذ{{سميربن التبريزي الحفصاوي}}


*يمامة 'العيثة....

يمامة في قرى الأمس
و الدروب والثنايا
هف همس وحنين 
ونواح ورياح وأشواق
يمامة طارت في الآفاق
وزهر الرّوض والندى...
في وجنتيها بين ميس وعناق 
أحفورة  في المرج  ومداد
وليال مقمرات وسهاد...
لفّها النسيان في طي البعاد
عيناها أمن وسلام... 
و مواسم جني وحصاد
وحنين وتناد   واشتياق....
يمامة تنثرالأحلام 
والأماني فتنة....
وزّعت  ريح الرّبيع للآفاق 
سلمت ثم طارت
 حين آلت  للفراق...
رفرفت رسمت بالقلوب 
والنجوم والزهور...
دروبا  عند باحات  المدى 
ومواكب هجر للضبى...
وحنينا بين خريف وشتاء
وغروبا فيه عود للقطيع
ذات يوم كان  من طفولتي 
فيه ميس لسنابل... 
وبيادر ودروبا  لقرى .... 
وحنينا في دفئ الصّقيع 
ذات ليل للمواقد حين كان 
هالني كمّ الجمال فيها فرأيت... 
في جناحيها اللطاف...
من عيون الشمس 
من رياح الأمس...
عشبة نبتت في حجر الرّصيف
داعبت بالسّحر أوراق الخريف 
بالجمال والأشجان والألحان...
تصنع التاريخ في عمق الزّقاق
وَلَهٌ في ليال الشّوق وآحتراق..
 يمامة  العيثة طارت........

    -سميربن التبريزي الحفصاوي🇹🇳

    -(( بقلمي))✍️✍️✏️ 

قصيدة تحت عنوان {{يا عازفَ النايِ}} بقلم الشاعر العراقي القدير الأستاذ{{ أحمد الموسوي}}


يا عازفَ النايِ

يا عازفَ النايِ الحزينَ بوَجدِهِ
غنِّ الوداعَ بلحنِكَ المُرادِ

قد غابَ من كُنّا نُنادِي اسمَهُ
وغدا الصدى يشكو الأسى والبُعادِ

نامَ الحبيبُ على الترابِ مُودَّعًا
وأفاقَ قلبُكَ في لهيبِ حِدادِ

يا لحنَ صبرٍ في الفؤادِ تكسَّرَتْ
أوتارُهُ وتناجَتِ الأوتادِ

كم كنتَ تروي من حنينٍ ضاحكٍ
واليومَ تبكي لوعةَ الأكبادِ

ما عادَ في الأفقِ البعيدِ تبسُّمٌ
غيرُ الدموعِ وصمتُها بمرصادِ

يا عازفَ النايِ الذي أبكى المدى
حتّى اهتزَّتْ أنفاسُهُ للأشهادِ

إنّي سمعتُكَ في الدجى متوجِّعًا
تبكي الرفيقَ بنغمةِ الأورادِ

نمْ يا صدى النايِ القديمَ فإنَّنا
نُبقيكَ في الذكرى إلى الآبادِ

وغدًا سنلقى الحبيبَ بموعدٍ
وعدَ الإلهِ الحقِّ يومَ الميعادِ

✍️بقلم الاديب الدكتور أحمد الموسوي 
جميع الحقوق محفوظة للدكتور أحمد الموسوي 
بتأريخ 07.12.2020
Time:5pm


نص نثري تحت عنوان {{حديث الأرواح}} بقلم الكاتب الأردني القدير الأستاذ{{كرم الدين يحيى إرشيدات}}


حديث الأرواح
د. كرم الدين يحيى إرشيدات

هيَ وهوَ 
لم يتبادلا الحروف،
لكنَّ الكونَ أصغى إلى نجواهما.

قالتْ عيناها ما عجزَ عنه الكلام،
وقالَ صمتُه ما لم يقُله الشعرُ في ألفِ عام.

التقيا بينَ لحظتينِ من الصمت،
فانفجرتْ في داخلهما الحياة،
وصارَ التخاطرُ صلاةً،
والإحساسُ طريقًا إلى الخلود.

قالتْ روحه:
ما احتجتُ نداءً كي أصلَ إليكِ،
كنتِ فيَّ منذ أن خُلقتُ،
في نبضِ دمي، وفي ومضةِ حلمٍ قديم.

وقالتْ هي:
وأنا كنتُ أنتَ قبلَ أن أراك،
كنتَ صدى روحي،
وكنتُ ظلَّ أمنيتِك التي لم تُقَل.

وهكذا تحدّثتِ الأرواحُ،
لا باللسانِ بل بالحنين،
ولا بالعينِ بل باليقين،
فصارَ صمتهما قصيدةً،
وسكونُهما عمرًا من الوجدِ لا ينتهي.
هو:
كنتُ أسمعكِ دون أن تتكلّمي،
كأنَّ همسكِ يسكنني منذ الأزل،
تأتي نبراتكِ من عمقِ قلبي،
قبل أن تنطقَ شفاهُكِ بالكلام.

هي:
وأنا… كنتُ أراكَ دون أن أراك،
أحسُّ خطاكَ في نبضي،
وأسمعُك في هدوءِ ليلي،
حين يهمسُ الهواءُ باسمك.

هو:
أيعقلُ أن نكونَ حديثَ الأرواح؟
تخاطبُنا النظراتُ بصمتٍ،
ويترجمُ الحنينُ ما تعجزُ عنه الحروف.

هي:
بل هو الوجدُ يا حبيبي،
حين تتلاقى الأرواحُ قبل الأجساد،
وحين يُصبح الصمتُ وطنًا لنا،
نسكنهُ معًا… دون وعدٍ ولا كلام.

هو:
قلتِها وصدقتِ 
فالإحساسُ يا عمري سبقَ كلَّ شيءٍ في الكون،
كان أوّلَ النور قبل المجرّات،
وأوّلَ نبضةٍ في صدرِ الوجود،
بهِ عرفتكِ روحي… قبل أن تُولَدَ العيون.

هي
يا من تتنفسني قبل أن أتنفس،
وتسكب في عروقي نيران الحنين،
أراك لهيبًا، وأنا الجمر الذي يذوب في حضورك،
أراك قدرًا، وأنا حلمٌ يسبح في بحر شوقك،
أراك صلاةً تُسجد بين عينيك، وأنا دعاءً يذوب في كفّي.

تقترب فتغدو اللحظة مرآةً للسماء،
كل نجمةٍ في صدري تهوي إليك،
والليل ينفجر عطراً ونورًا وهوى،
ويصبح الصمت غناءً، والوجود لهبًا،
ويستيقظ فيَّ كل أنثى كانت نائمة.

كيف لك أن تكون كل هذا؟
كل نفسٍ بيننا قصيدة،
وكل لمسةٍ قمرًا يحترق في سماء الروح،
وأنا معك أتنفس اللهيب،
وأنت معي تتنفس الكلمات…
فتصير الحياة حروفًا، والحروف حياةً،
والحبُّ أعظم من أن يُقال أو يُحكى،
بل يُعاش كلّ لحظة كأنها انفجار الكون كله.

د.كرم الدين يحيى إرشيدات
الاردن

 

قصيدة تحت عنوان{{عنزات الراعية}} بقلم الشاعر المغربي القدير الأستاذ{{مصطفى سريتي}}


..... عنزات الراعية .....
يا بسمة الفلاح في الصباح حاملة جرابها
تخطو على سهول  القمح حافية القدمين.
تمشي زاهية على أنغام الثغاء فوق الربى
و جبينها يتصبب عرقا كحر شواظ سجين
تجاعيد وجهها أخاديد سيل لفصول الشتا
وسجينها الماعز يسطو على العشب الثمين
كيف لحسناء النجود تكابد في بطش العدا
و أنياب الذئاب مكشرة بكل و قت و حين
تسامر رقص النجم كطيف بدر عند الدجى
و تداعب وهج الشمس بمسح عرق الجبين
تغني للخراف مواويل العشق بزمن الصبى 
وتبحث في الأعالي عن ينبوع لعين اليقين
يا عنزة الراعية أخبريني ما يجول بخيالها
لما تجاهر بمعزوفة الرحيل باللحن الحزين 
و هل تطيق المروج الخضراء بالكاد رحيلها
إن غاب ثغاء القطيع عم في صدري الأنين 
فكيف لسياط الشمس أن يجلد لون شعرها
و أنى للربى أن تلبس قدميها عشبا و طين
سيري يا خراف و ارقصي فرحا من خلفها
و اهتفي بدوام عشقي لها على مر السنين.

مصطفى سريتي 
المغرب

 

السبت، 25 أكتوبر 2025

خاطر تحت عنوان {{لم أعد أهفو إليك}} بقلم الشاعر الفلسطيني القدير الأستاذ{{ابراهيم احمد ابوزايد}}

 

لم أعد أهفو إليك .....
 تيهي بعيدا وارحميني  فلقد شطبتك من سنيني
ماعدت أحتمل الدموع الكاذبات كفاك دهرا تخدعيني
ماكنت أعلم ان للتمساح دمع يستبيح به الضحية
ما كنت أعرف ان بعض الورد يطلق عطره وبه المنية
لقد جئتك كالفراشة بعض نور استبين 
فحرقت اجنحتي فصرت لك السجين
هل كنت ابله طيلت الاعوام تلك وانت كنت تمثلين
لكنه الدور الذي اتقتنته فبدا بقلبي مثلما تتصورين 
اني لانظر للرسائل في يدي وكلامك المعسول والوجد الذي به تكتبين
روح قلبي يا حياتي اني احبك انت عمري كل هذا تكذبين
اني كرهت هالرسائل والقصائد والصور وحربا قد حواك بنبرة فيها حنين
تيهي بعيدا لن تريني نادما يوما عليك
فلقد شفى قلبي بأني لم اعد اهفو اليك
مزقي كل القصائد والرسائل والصور فإنها كانت لمن اهوى ولم تكن يوما اليك
                     ابراهيم احمد ابوزايد 
                              المفقود

الجمعة، 24 أكتوبر 2025

قطعة شعرية تحت عنوان{{ضاعت}} بقلم الشاعر الفلسطيني القدير الأستاذ{{ابراهيم احمد ابوزايد}}


ضاعت 
ضاعت سعادة هذا العمر في عنت 
من الطريق وصبري عند مفترق 
لكنما الدرب والاشواك تملؤه 
امشي عليه وشوطي غير مستبق
فإذا تنفست بالخلجات من قلمي
فالشعر في وتري انغام مختنق

بقلم  ابراهيم احمد ابوزايد. ( المفقود  )

فلسطين. غزة 

نص نثري تحت عنوان{{وصايا مكتوبة}} بقلم الكاتب الفلسطيني القدير الأستاذ{{عماد سالم ابوالعطا}}


وصايا مكتوبة

كُل يوم نفتح أعيُننا على موت جديد
لا ندري أي طريق سيأخذُنا
أهو جوع يسرق أنفاسنا ببطء
أم رُصاصة تسدل الستار فجأة؟

صرنا نعيش وكأننا نكتُب وصيتنا كل لحظة ... لا على الورق 
بل في وجوه أطفالنا
وفي دموع أمهاتنا
وصبر قلوبنا

ماذا نترك خلفنا؟
هل نكتُب ... سامحونا لأننا عجزنا عن حمايتكم ؟
أم تذكرونا حتى لو غابت وجوهنا ؟

كُل بيت هُنا يحمل جرحاً 
وكُل قلب يُردد سؤالاً واحداً 
إلى متى هذا الرحيل بلا عودة ؟

نزوح وذكريات تحت الرُكام
وثقل لا يصفه قلم
كأننا نختنق ولا يصل صوتنا إلى أحد

أي قلب يحتمل فراق أحبابه كُل يوم؟
أي عين تجف بعد فيضان البُكاء؟
وأي روح تصمد أمام هذا الخراب؟

أحبوا بعضكم قبل أن يخطُف الغياب أحدكُم
لا تناموا على غضب
قبلوا وجوه أطفالكم كثيراً
ولا تؤجلوا كلمة ... أحبك
فالوقت يركُض أسرع من أحلامهُم

تمسكوا بما بقي من نور
فالموت هُنا لا يطرُق الباب
إنه يسكُن بيننا
تمسكوا بمن تُحبون
فقد لا يمنحنا الغد فرصة للوداع

عماد سالم ابوالعطا 

قصيدة تحت عنوان {{الجناح..... الكسير}} بقلم الشاعر السوداني القدير الأستاذ{{معمر محمد}}


.........................
("الجناح..... الكسير")

يا نديما فاق حد الهوى وأعياني 
                   رحماك من يطبني انت والزمان رماني
وعقد على النور خضبته بكياني
                  من لؤلؤة الفؤاد الخصيب نسجته وأبكاني
فما توهج النجم وطفق سلواني
                 من حدائق بابل أهديته الهوى ... عنواني
ومن دن اللآلي وحضرموت ألواني
                 ظافرا ملكته اليمين قمرا والسودان أوطاني
يا امرأة بطعم النساء تسكن شرياني
                في مفاصل دمي تقطن تاريخي وأشجاني
وأنا المعنى ما هضمت تباريح أحزاني
                 فعزمت الطواف من دمشق نبيلا لخلجاني
ليته أتى مناصا فرضا خالدا وهزاني
                     وعلى نهد العروبة دونته ملاذا وأركاني
فرتلت في خشوع كتاب وداعي ونسياني
                  ليتني فما لبى فؤادي هجره وأزعنت لثواني
بالتيه القديم (وبجعتي) قسما ومكاني
                  أنت الهوى والأرض والتاريخ وأنت أوطاني
بقلمي/د.معمر محمد 
السودان 

24/10/2025 

قصيدة تحت عنوان {{كوردةِ دِمشق' في الصباحِ تفتَّحَتْ}} بقلم الشاعر اللبناني القدير الأستاذ{{حســــــــن محمود عفيــــــــف}}


كوردةِ دِمشق' في الصباحِ تفتَّحَتْ
تضوعُ شذاها، والجمالُ شمائلُهْ

جُـوريّةٌ تَغفو الضفائرُ فوقَها

وتسكنُ أسرارَ الهوى قبائلُهْ

عنقاءُ درٍّ في بهاءِ محاجرٍ

يُضيءُ عليها سحرُهُ وأناملُهْ

قد استعربَ الشعراءُ من فيضِ حسنِها

فأشرقتِ الأوزانُ فيهِ، قوافلُهْ

ألا ليتَ شعري أن تكوني رفيقتي

حبيبةَ قلبي، والهوى منازلُهْ

كادَ انجذابي أن يُذيبَ فؤادَنا

ويُحرقَ في ضوضاءِ حبٍّ مراحلُهْ

شَـقراءُ، في شعرِكِ نارٌ وأُلهِبَتْ

خُصلاتُ ليلٍ في الصباحِ جداولُهْ

وعُيونُكِ البراقَةُ النجمُ زينَةً

تَهلُّ ضياءً، والسّماءُ شمائلُهْ

لسانُكِ شهدٌ في ثغورٍ مُعطَّرٍ

وطَعمُ الهوى عَسلٌ يذوبُ سلاسلُهْ

وثغرك  الأببض كالثلجِ لامَعٌ

تُطفِئُ جَمرَ الشوقِ حينَ يطاولُهْ

لاذَ الفؤادُ لديكِ يَسعى مُستجيرًا

فأشرقتِ الدّنيا، وأومضَ حامِلُهْ

أضَأتِ بدربي، يا ملاكُ، محبّتي

وفي قلبِكِ العطرُ الذي لا يزائلُهْ

صَديقةٌ؟ لا، بل حبيبةُ عاشقٍ

يُعانقُهُ الحُبُّ المضيءُ، يُقاتِلُهْ

وتعجزُ أوصافُ القصائدِ كلِّها

عن الحسنِ، والدّمعُ الشهيُّ يُقابِلُهْ

فلتقرأِ الأيامُ ما قد كتبْتُهُ

دفاترُ مجنونٍ، وذا الحبُّ نائلُهْ

بقلمي : الشاعر حســــــــن محمود عفيــــــــف

لبنـــــــــان 

قصة تحت عنوان{{تهور باهظ الثمن}} بقلم الكاتب القاصّ التونسي القدير الأستاذ{{ماهر اللطيف}}


تهور باهظ الثمن

بقلم: ماهر اللطيف 🇹🇳 

هل أترك القانون يأخذ مجراه كما نقول، أم أحاول التدخل لإطلاق سراح ابني وإنقاذه من ويلات السجون وصعوبة الإقامة فيها؟
هل ألومه، أم ألوم نفسي ووالدته، أم المجتمع، أم الظروف العامة التي أدت إلى هذا الانفجار والانفلات على جميع المستويات؟
وهل السجن هو الحل الأمثل للتصدي لمثل هذه الظواهر، والقضاء على مستقبل هذه الناشئة والزجّ بهم في عالمٍ غريبٍ عنهم، لن يتعلم أغلبهم منه غير الإجرام ومشتقاته؟

كنت أطرح هذه الأسئلة وغيرها في طريق العودة من مركز الشرطة، وقد عدتُ بخُفّي حُنين، دامعَ العينين، شاحبَ الوجه، منهكَ الجسد، عليلَ البدن.
أرغب في الموت بدل معايشة ما أعيشه حاليًا من وضعٍ سيقضي على عائلتي في مرحلة أولى، وعلى ذاتي في مرحلة ثانية، وعلى كل المحيطين بي والمتعاملين معي في مرحلة ثالثة.

ورغم قرب المسافة من مخفر الأمن إلى منزلي، إلا أن هذه الأمتار بدت لي آلاف الكيلومترات، بل دولًا وجبالًا وبحارًا عليّ تجاوزها لأخبر زوجتي وأبنائي بفشلي، وعدم قدرتي على استرجاع ابني كما وعدتهم منذ ساعات خلت.

فقد كنت استرجع شريط هذا اليوم منذ نهوضي لأداء صلاة الفجر في جامع الحي، وذهابي إلى المقهى رفقة بعض الأصدقاء، أتمتع بالنظر إلى شوارع المدينة وأزقتها وهي تتغطى بأحلى الحلل والزينة، بالأعلام والشعارات الملوّنة لجمعيتنا الرياضية لكرة القدم بمناسبة إجرائها اليوم مباراة "الكلاسيكو" ضد جمعية المدينة المجاورة.

كانت الكتابات الحائطية الجميلة تزيّن واجهات البنايات، ومع شروق الشمس بدأت الحياة تدبّ في المكان: فُتحت المتاجر والمقاهي، وتعالت أغاني الجمعية من كل حدبٍ وصوب، بما فيها الأغاني القبيحة. انتشرت "المجموعات" في كل الأحياء، يهتفون ويشجعون ويحثّون الناس على الذهاب إلى الملعب لمؤازرة الجمعية طيلة التسعين دقيقة.

عدتُ إلى المنزل بعد اقتنائي مستلزمات العائلة وحاجياتها اليومية، لأجد ابني صالحًا مرتديًا قميص الجمعية، يغنّي بأعلى صوته، يرقص، ويتوعد الجمعية الأخرى.
كانت آمنة، أخته التوأم، تقاسمه الحماس، وكذلك مريم المتوسطة وهدى الصغرى.

رقصتُ معهم لبعض الثواني وأنا أفتش بعيني عن هادية زوجتي التي سمحت لهم بهذه الفوضى، فرأيتها في المطبخ تجهز فطور الصباح.

أمرتهم أن يكفّوا عن هذه الفوضى، وقلتُ ببسمتي المعتادة وصوتي الرصين:

– ألا ترون أنكم لا تحترمون جيرانكم بهذه الأصوات والحركات؟
(ألتفت إلى صالح) وأنت يا رجلَ المنزل في غيابي، هل ترى المكان مناسبًا لمثل هذه الطقوس؟

– (وقد احمرّ وجهه) أنا متأسف، ظننتُ أن لا أحد يشمئز من صيحاتي في هذا اليوم الجلل.

– (هادية من المطبخ، ضاحكة ومفتخرة بأولادها) دعهم يُعبّرون عمّا يختلج صدورهم، دعهم يُفجّرون طاقاتهم الإبداعية.

– (أنا مقاطعًا بشدّة) لا يزال الوقت مبكرًا، علينا احترام الجيران وخصوصياتهم، ففيهم المريض، ومن يريد أن يتمتع بالنوم إلى ساعة متأخرة، وغيرهم.
(أتوجه بالحديث إلى صالح) اهدأ قليلًا، وكن رصينًا، فقد بلغت الثامنة عشرة وتستعد لإجراء امتحانات البكالوريا.

واصلنا الحوار مدة من الزمن وأنا أَعِظ وأنصح وأوجّه، لكن يبدو أن "كلامك يا هذا في النافخات زُمَرًا"، فقد تواصل الشدو والرقص، خاصة حين عمّت الأجواء الحماسية بين المنازل والشوارع.

حاولتُ منعه من الذهاب إلى الملعب وطلبتُ منه مشاهدة المقابلة عبر التلفاز، إلا أنه وكافة أفراد العائلة تصدّوا لي وعارضوني، وخاصة آمنة التي تحبّه حبًا جمًّا لا يوصف.
فلم أجد حينها حلًا سوى النصح والإرشاد، والتنبيه بعدم الجلوس إلى جانب المخربين وأصحاب السوء ومثيري الشغب في الملاعب.

لكنه، للأسف، لم يستوعب الدرس، وضرب به عرض الحائط، فتوسّط الجموع، وثار، وهاج، وماج، وصاح، وسبّ، وشتم، وتلفّظ بعبارات بذيئة، خاصة عند إهدار أحد لاعبينا ضربةَ جزاء، ثم طُرد آخر بالبطاقة الحمراء، وقَبِل فريقنا هدفًا أول فثانٍ بسرعة.

عندها رموا بالمقذوفات في الملعب، وأشعلوا الشماريخ، وألقوا بقوارير المياه والقطع النقدية، فعمت الفوضى الميدان والمدارج، مما أجبر الحكم على إيقاف المباراة.

لكن الوضع ازداد تأججًا وهيجانًا حين وقعت مواجهات بين الأمن والجمهور، أدت إلى إصابة العشرات من الطرفين، والقبض على مجموعة من المخربين، وكان صالح من بينهم ، إن لم أقل زعيمهم.

كانت هذه المظاهر المخزية منقولة مباشرة على شاشة التلفزيون، وقد شاهدنا صدفة لحظة القبض على صالح وهو يشتم ويتوعد ويتطاول وزمرة من رفاقه...

فصرتُ آنذاك أوبليك سيفيل ويوسين بولت مجتمعين، إذ بلغتُ مركز الشرطة في بضع ثوانٍ — أو خُيّل إليّ ذلك — دون أن أقدر على حل هذا المشكل العويص.

أدركتُ حينها أن الدنيا اسودّت في وجهي، وأصبحت ضيّقةً خانقة، ولم أعد أعي شيئًا أو أرى أحدًا.

وأيقنتُ أنني لم أخسر ابني فحسب، بل خسرتُ جيلًا كاملًا راهن على الرداءة والانحطاط الأخلاقي والتسيّب والتهرّب من المسؤولية والمواطنة، ليغرق في أتون التقهقر والتخلف وسواها. 

قصيدة تحت عنوان{{عصفور من الشرق}} بقلم الشاعر التونسي القدير الأستاذ{{سمير بن التبريزي الحفصاوي}}


*عصفور من الشرق...

غريب زماني وليلي طال
وصيفي بات نارا  تحرق
بت وحيدا وسربي هاجر
ومر العمر  ومضا يبرق...
مشتاق وقلبي  يخفق...
وكمدي على من رحلوا 
صمتا يخنق...!
أنا الأعزل عصفورا منسيا
فؤادي  مشتاق مثقل 
مذ زمن  سربي هاجر 
أنا عصفور وعشي الأول
قشه من وديان المشرق
من جزر نجد وحجاز 
من أسعد يمن...
من مطر  روت أندية
من قمم وصحاري خالية
من  غيم وسراب... 
من واحات سود وخيام
من قمم ضباب وغمام
سلام  و أديم  تراب
من مزن من جنة عدن...
من مطلع الشمس حين تشرق
كالأزهار ذات ربيع حين تعبق 
حين تزهر تفوح عطرا 
بين أغصان وأوراق... 
تميد نسيما ترفرف خضر 
تتخللها خيوط الشمس 
حين تشرق...!
ثم يأتي هجير الصيف 
ويأتي القيظ ثم تذبل...
سوف  أذبل...!
أنا عصفور سربي هرب علي 
وحيدا في باحات الغيم أحلق 
أشدوا  شوقا بصوت البلبل 
أنوح حماما و يماما 
أبكي حنينا للمشرق
أنا العصفورالأعزل
صرت من أشواقي نهرا
وسعت دهرا...! 
صرت الألم الأجمل
دمعي مطرا تروي أرضا 
تفلق حبا تروي طلعا 
حين تنزل... 
سوف مثل المطر أنزل...
يا بحري الأرحب من بحري 
ما أروع أشرعة السحر...! 
ويا حلمي الساكن في الأفق
ما أجمل ألوان الشفق...! 
ويا قمري الحالم في الغسق
إياك...! إياك تأفل....!
حين يلفحني ريح الشرق
حنينا  يعبق..!
وصبا من باحات  الشرق 
من بغداد وصنعاء ودمشق...
بات العمر منا يسرق...! 
جئت من أمس  هاربة 
من مجد وتاريخ عبق
من مدى نفح جنوب 
و حنين وصبا و هبوب 
يا ريحا هبت عاتية 
تعلمني كيف أشتاق وأعشق
أنزلت حيالها  دمعي
أرهفتُ إلى هبها سمعي...
وبت أتابعها عيني حنينا ...
كمتيم ولهان أحمق...!! 
طرت على جناح الريح
وشددت رحالي لأرحل
منذ ولادة نور الشفق... 
منذ وميض و لمع البرق
وأنا أنتظر سفن الشرق 
حين تشق عباب البحر 
حين إلى مرساي تقبل 
تظهر ساعة ثم تغيب 
عند أفق بات كئيب...! 
أخاطبها من فرط الشوق
وأجيبها دو أن تسأل...!
العمر ولى ومضى... 
وأنا أنتظر عند الشاطىء
في باحات ألم القلق...
يا صافرة قطار العمر...
 دوّى في أذني وفي عمقي 
أنت الأبقى وأنت الأعمق...!
يا صهيلُ فرسِي الجامح 
إني مشتاق لصهوتك... 
تعال نشق عباب الليل
أقبل مثل ريح صرصَرْ
مثل شتاءً يومًا معصِرْ
إقفز مثل النّهر الهادرْ
سوف نجوب دروب الشَّرقِ
سمرقند و ما بعد النهر
وطريق الحرير والهند 
وبخارى  وبلاد السند... 
كلّ ثنايا الشرق اشتبكت
كل صحاريها  امتلأت 
بحكايا رحل وقوافل
ورفاتُ معابدَ أبخرةٌ 
لا عطرَ تخلّلَها عَاطِرْ
أنا عصفور الشرق النادر
حين أشتاق لأنديتي
ستطيرُ الْعَنقاءُ بأجنحتي
وترافق أشرعة السفن 
وتشم أعبقة المدن
وتجوب بحار الشّرق
  سفرا في ليل ساحر
هنالك عند جدار الثّلج
آخر أمَدٍ في أخيلتي.. 
دون حدودٍ سوف أسَافِرْ 
وأعِيد كما الهدهدُ من سبإ
أنباءً عن زمن غَابرْ....
زمنا من عبق الشرق...!!!
غريب زماني وليلي طال
وصيفي بات نارا تحرق...

-سمير بن التبريزي الحفصاوي 🇹🇳 

((بقلمي))✍️✍️✏️ 

قصيدة شعبية تحت عنوان{{فِنجان شَاي}} بقلم الشاعر المصري القدير الأستاذ{{حليم محمود أبو العيلة}}


فِنجان شَاي
عَزمانـي علىٰ فِنجـان شاي 
مَ انا عارف ان انتي كَريمة
وكُـفوفي اعـملـهـالِكْ كَنكة
ورضـابـِك تـِصـبـح تَلقـيمة
وانـفـاسـك تبـقىٰ سبـرتاية
وانا وانـتي نِـقـلِبـها وليمـة
وفي السهرة نعمل اُوبريت
وبحرفنة مَاتش وتـقسيمة
وعَلـشان تتأكدي من حُبي
اَحْـفُـر لـِكْ قـلـبـي بِـبـَريمة
وقَبل م تِشتكي مِن حِيرتِك
اعـمل لِكْ دكـتور وحَكيـمـة
وتِعَدي ف ذَلاتي وتْتـْذاكي
عَـارفـك عَاقـلـة وحـكيـمـة
واتـلائم وياكي واقـول لِكْ
دا عينيكي مِيت الف لَئيمة
                   كلماتي:
الشاعر: حليم محمود أبو العيلة 
مصر

 

قصيدة تحت عنوان{{عودة}} بقلم الشاعر المصري القدير الأستاذ{{يحيى حسين}}


عودة 

وأدت طموح قلبي معك
قلبي المحب لم يخدعك

كان يفور مثل التنور
زفير شوقه لم يردعك

سمع الجميع دوي الحثيث
كل الآذَان سوى مسمعك

قل لي بربك من أرجعك
قلبي الشريد ما أشجعك

ماذا دعاك الى الذهاب
اما زلت تتوق لموجعك

والآن عد إلى منبعك
خلف الضلوع هنا مخدعك

هنا العناق ودفء الاماني
وسراب حلمك يسمعك

يحيى حسين القاهرة

22 أكتوبر 2022 

خاطرة تحت عنوان{{ من يشتري قلب}} بقلم الشاعر العراقي القدير الأستاذ{{أبو عمار}}


 من يشتري قلب ؟

من هنا ، ومن هذا المكان تحديداً ،
حيث سماع أصوات الانين من كل جانب 
وصوب ارفع الراية البيضاء 
واستسلم لأمر واقع مفروض جعلني 
أشعر بالحزن لاعلن من خلاله 
عن بيع قلب رجل عربي من بلاد 
الرافدين ،
من يشتري قلب لم يعرف معنى 
الحقد يوما ؟
من يشتري قلب إن أحب ، أحب بصدق 
دون مصلحة أو غش ؟
من يشتري قلب لازال ينبض شوقا الى 
ماض مر عليه زمن طويل ؟
من يشتري قلب يتألم ، ويكاد أن يخترق 
اضلاع صدري ليهرب مني بعيداً 
تاركا خلفه كل شيء ؟
من يشتري قلب نقي ، بشرط أن 
يعاهدني على أن يحافظ 
عليه ؟

أبو عمار 
العراق....

قصيدة تحت عنوان{{رحيل الشمس}} بقلم الشاعرة اللبنانية القديرة الأستاذة{{ملفينا توفيق ابومراد}}


رحيل الشمس 
**
ملفينا توفيق ابومراد 
عضو اتحاد ألكتاب اللبنانين 
**
أيتها الشمس لن تغربي 
ليس برحيلك اي مهرب
الحفاظ على نورك امل
يسعى اليه كل متغرب 

يعيش الحنين للموطن
عله يكون منه  متقرب 
عل له حبيب منتظر 
بشوق بحب به معجب 

او فلذة كبد يحرقه 
شوق لضمة لا تحتسب
لعمقها ب طاقة  تتاجج
ك نار لاظيت و لا أطيب
 
كثرة البعد اضنت قلبه
جعلته للحنين يحططب 
 رحيل لشمس؟ ام نور
يجعل الكون له حطب 

٢٠٢٥/١٠/٢٢ 

نص نثري تحت عنوان{{الحروف تتحدث عني وعنك}} بقلم الكاتب الأردني القدير الأستاذ{{كرم الدين يحيى إرشيدات}}


الحروف تتحدث عني وعنك
د.كرم الدين يحيى إرشيدات 

حبيبتي 
عندما تكوني بيني وبين نفسي
اي الكلمات ستكون لك
حين تكوني بيني وبين نفسي،
فالكلمات التي تليق بتلك الخلوة هي التي لا تحتاج أن تُقال بصوت،
بل تلك التي تُهمس في سرّ القلب،
وتنصت لها الروح كأنها اعتراف صادق بين عاشقين التقيا في مرآة الصمت.

قد تكون كلمات من جنس الدعاء،
أو من نسغ الحنين،
أو من صدق العتاب الذي لا يُقال لأحدٍ سواك

وحين استحضر وجودك،
لا احتاج إلى حديثٍ يُتلى،
فكلُّ خفقةٍ من قلبي صلاة،
وكلُّ نفسٍ يمرُّ باسمك تسبيح.

كأن الحضورَ نفسهُ عبادة،
تسكنُ فيها الكلمةُ قبل أن تُقال،
ويصير الصمتُ بيننا أبلغَ من الأحاديث كلّها.

حبيبي 
يا ساكنَ الروحِ هل تدري ما فعلتْ
 بيَّ
 ومنْ بالحبِّ قد شغلتْ
حين اختليتُك في قلبي
 تذكّرني نبضاتُ صدري 
كأنّ القلبَ ما غفلتْ
ما عادَ صوتي يهمس إلا بذكراكَ 
ولا أنينيَ إلاّ منك
 قد وُلِدتْ
يا من تُقيمُ بدربِ الحلمِ قبل رؤى
إنّي أحبُّك حبًّا 
ما لهُ غايةْ
يبقى هواكَ بقلبي نورَ مملكتـي

حبيبي 
حبيبي
لم أعد أحتمل صمتي،
كلُّ الحروف التي خبأتُها بين أضلعي
صارت تضجُّ بي وتستنجدُ بالخروج.

لم أكن أجرؤ أن أقولها،
كنتُ أكتفي بأن أمرَّ قربك
كما تمرُّ نسمةٌ
 تخاف أن تثير أوراق الربيع.

لكنَّني الآن أعترف…
أحببتُك بصمتٍ طويلٍ
كليلٍ يسهر على نافذةِ الحنين.

كنتَ لي وطنًا 
قبل أن أعرف معنى الوطن،
وملاذًا 
حين كانت الدنيا تضجُّ بالضجيج.

كلُّ مرةٍ ناداني فيها قلبك دون أن تنطق،
كنتُ أسمعك،
وكلُّ مرةٍ ابتعدتَ فيها عني،
كنتُ أزداد قربًا منك.

أنا لا أقول “أحبك” كما يقولها الناس،
بل كما تقولها الروحُ
 حين تجد مَن يشبهها.

حبيبتي،
لندع الحروفَ والكلماتَ
 تتحدثُ عني وعنكِ،
فقد تَعِبَ البوحُ في صدري،
وضاقتِ المسافاتُ بينَ نبضي واسمكِ.
أريدُ أن تتكلمَ الحروفُ كما لو أنّها أنا،
تروي عن وجعي واشتياقي
 حينَ أراكِ في صمتي.

حبيبي،
وما للحروفِ أن تفعلَ إن لم تكن أنتَ لغتها؟
كلما نطقتُ، تسلّلَ طيفُك بينَ الكلمات،
وكلما صمتُّ، ناداني صوتُكَ من أعماقي.
أليسَ الحرفُ فينا صلاةً لا تُقالُ إلّا بخشوعِ الحبّ؟

حبيبتي 
بل هوَ وضوءُ الروحِ حينَ تمسُّها نظرتُكِ،
وهوَ سُجودُ القلبِ على محرابِ عينيكِ،
يا مَن تقرأُني قبلَ أن أكتبَ،
وتسمعُني قبلَ أن أتكلّم.

حبيبي 
إذًا، دعْنا لا نقولُ شيئًا...
دعِ الصمتَ بيننا يُكملُ المعنى،
ولتكتبِ السماءُ عنّا ما عجزَ القلمُ أن يقولَه.

حبيبتي 
كلُّ الأشياءِ تتحدثُ عنّا،
حتى الصمتُ بيننا،
له نبرةُ عشقٍ لا تُخطئها القلوب.

حبيبي 
أشعرُ بها يا حبيبي،
حين يلامسُ النسيمُ وجهي،
كأنَّه يحملُ حنينَ صوتك من البعيد.

حبيبتي 
والأمكنةُ التي عبرناها معًا،
ما زالت تحفظُ خطواتنا،
تُخبرُ المارّينَ عن قصّتنا بخجلٍ شفيف.

حبيبي 
حتى الضوءُ حين يمرُّ،
يتلعثمُ على ظلّي،
كأنَّه يبحثُ عن ظلِّكَ فيّ.

حبيبتي 
نعم يا أنثى الندى،
كلُّ الأشياءِ تُترجمُ إحساسَنا وأشجانَنا،
فالكونُ من حولنا لا يتنفسُ إلّا بنا.

حبيبي 
فكن نبضي إذا سكتَ القلب،
وكن صوتي إن خانتني الكلمات،
فنحنُ حكايةُ الأشياءِ قبل أن نكونَ حكايةَ البشر.

احبك واعشق روحك يا يحيى
احبك حبيبتي 

د.كرم الدين يحيى إرشيدات 
الاردن

 

قصيدة تحت عنوان{{جاء البشيرُ ووجهُ الفجْرِ مبتسمٌ}} بقلم الشاعر السعودي القدير الأستاذ{{ربيع القوافي}}


جاء البشيرُ ووجهُ الفجْرِ مبتسمٌ
والطيرُ في الأيكِ صدّاحٌ لهُ زجلُ

طابَ الصباحُ فهيّا يا أحبتَنا
لنُوردَ النفسَ صفوًا منهُ ننتهلُ

تعهدِ النّفسَ لا تُغفِلْ رياضَتها 
فبالرّياضاتِ والأدابِ تكتملُ

للروحِ زادٌ وللأجسادِ أزوِدَةٌ
تسامتِ الرّوحُ عمّا يُنْبِتُ الطّفَلُ

الرّوحُ تُغذىٰ بزادٍ جلَّ ذاكرُهُ
تقوىٰ وذكرٌ وفكرٌ نابهٌ خضلُ

والجسمُ أسداكَ من سوّاهُ موعِظةً
فالقصدَ الْزَمْ ولا يقتادُكَ الزللُ

لا تُذهبِ العمْرَ في قيلٍ وقلقلةٍ
وصنْ سماعكَ عمّا قالهُ الهمَلُ

وطَيّبُ القَولِ فاعتدْ جنيَ أينَعهُ
ما نالَ نِجحًا عجولٌ طبعُهُ الوَهلُ

واحكمْ على القيلِ وانظر فعلَ قائِلهِ
واجعلْ دليلكَ ما ندَّى بهِ العملُ

فالقولُ يسمو بأفعالٍ تضارعهُ
مرحىٰ لقومٍ إذا قالوا فقد فعلوا 

أبو وحيد